أزمة الولاية الجديدة للرئيس الصومالي تمتد إلى الأجهزة الأمنية
محمد عبدالله فرماجو: القوات المسلحة تمثل رمزا وطنيا ولا تنقسم إلى فرقة أو عشيرة
انعكست أزمة التمديد للرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، قبيل موافقة البرلمان على ذلك الاثنين، على مختلف مناحي الحياة في البلد، الذي يعاني من فوضى واسعة وهجمات انتحارية وخلافات سياسية عميقة بين السلطة والمعارضة، وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية.
وقال محمد مرسال شيخ رئيس البرلمان الصومالي إن الغرفة الأدنى في البرلمان صوتت لصالح التمديد لعامين للرئيس المنتهية ولايته في فبراير الماضي، وذلك للتحضير لإجراء انتخابات مباشرة تطالب بها المعارضة وتسببت في أزمة متشعبة في البلاد. وأضاف أن 149 نائبا صوتوا بالموافقة على الاقتراح، الذي رفضه نائب واحد، فيما امتنع ثلاثة نواب عن التصويت.
ولم يقبل فرماجو التسليم برئاسته منذ فبراير، وأصرّ على الاستمرار في منصبه على الرغم من اتساع دائرة العنف والاحتجاجات والخلافات حول إجراء انتخابات جديدة في الصومال. وامتدت تلك الخلافات والانقسامات إلى الأجهزة الأمنية في الصومال، بعد إقدام قائد شرطة مقديشو على تعليق أشغال البرلمان قبيل استئنافها الاثنين لتمديد ولاية الرئيس.
وقال قائد شرطة مقديشو الجنرال صادق عمر حسن عبر تلفزيون محلي إنه منع عقد الجلسة البرلمانية، وذلك قبيل صدور قرار بإقالته من منصبه. وأضاف أن “شرطة مقديشو لن تكون طرفا في الخلافات السياسية، ولن تقبل بأي تمديد لولاية ثانية للمؤسسات الدستورية والتشريعية”. وسعت الجهات الحكومية إلى إرسال تهديدات مباشرة لأي جهة “تحاول إثارة الفوضى والاضطرابات” بعد إقالة قائد الشرطة.
وقال علي عبدي ورطيري نائب محافظ بنادر، إن “الوضع في مقديشو جيد للغاية، وإن قوات الأمن تحكم استقرار وأمن المدينة، وإن كل من يخالف قوانين البلاد سيقدم للعدالة”. وسلطت العملية الضوء على حالة الفوضى في البلد، الذي لا يزال يعاني من وضع اقتصادي صعب وهجمات إرهابية تقودها حركة الشباب المتطرفة، وانقسامات سياسية عميقة.
وشهد الصومال طوال الأشهر الأخيرة موجة عنف واسعة احتجاجا على إصرار الرئيس فرماجو على التمديد لولايته. وتثير مخاوف واسعة من اندلاع حرب أهلية جديدة في البلاد، التي لا تزال تعاني أيضا من تداعيات حربها الأهلية الماضية.
أعرب الرئيس الصومالي في رسالة بمناسبة العيد الوطني للجيش الصومالي عن مخاوفه من اتساع دائرة الانقسامات في صفوف الأجهزة الأمنية والجيش في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة. وسعى في كلمة إلى إرسال رسائل طمأنة للداخل، على الرغم من اشتعال الغضب في صفوف المعارضين للتمديد. وقال الرئيس فرماجو في بيان نشرته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية الاثنين، إن “القوات المسلحة تمثل رمزا وطنيا، ولا تنقسم إلى فرقة أو عشيرة، وتقوم بالدفاع عن السيادة الوطنية”. وأضاف في محاولة لتهدئة الغضب داخل الجيش “لسنا في المكان الذي نريد أن نكون فيه، لكن الحكومة شرعت في خطة طموحة لإعادة بناء الجيش الصومالي من حيث الجودة والكمية”.
وعززت الانقسامات والاصطفاف السياسي في صفوف الأجهزة الأمنية والجيش حول التمديد لولاية الرئيس من مخاوف اندلاع أعمال عنف أوسع. وأطلق رئيس كتلة المرشحين في سباق الرئاسة شيخ شريف شيخ أحمد تحذيرات من دخول القيادات الأمنية في الخلافات السياسية المتفاقمة في البلاد. ودعا القيادات الأمنية إلى “الابتعاد عن الخلافات السياسية وعدم الانصياع إلى أوامر الحكومة التي انتهت ولايتها، حتى لا يكونوا طرفا في عرقلة مسيرة الدولة الصومالية”.
ثمة خلافات بين الحكومة من جهة ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، حول تفاصيل متعلقة بآلية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ويتهم المعارضون رئيس البلاد بحشد أنصاره في مجالس الأقاليم والمجالس الوطنية التي تختار المشرعين. وكانت المحادثات بين الرئيس وقادة المعارضة والدبلوماسيين لتحديد موعد جديد للانتخابات متقطعة وغير حاسمة. ورفض رئيسا إقليمي جوبالاند وبلاد بنط، وهما من أقاليم الصومال الخمسة شبه المستقلة، المشاركة بحجة أن الرئيس يجب ألا يرأس هذه المحادثات لأنه لم يعد رئيسا للبلاد. وقالا في بيان مشترك السبت إن المانحين، ومنهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لن يدعموا أي مبادرات جديدة تؤدي إلى أي تمديد للتفويضات السابقة، في إشارة واضحة إلى انتهاء ولاية الرئيس. وأدت تلك الخلافات إلى تأجيل الانتخابات أكثر من مرة دون تحديد موعد لها، رغم عقد عدة جولات تشاورية عديدة ودعوات متكررة إلى الحوار من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
وكان بيان صادر عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية “إيغاد” قد حذر من الجمود في ملف الحوار بين الحكومة ورؤساء الأقاليم والمعارضة، داعيا جميع القادة الصوماليين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن أي أعمال قد تؤدي إلى تصعيد التوترات.
العرب اللندنية