أغنية اليباس
أحتاجُ ظِلّكِ كي أرتاحَ من تعبي أحتاجُ منكِ حناناً ينتهي نصبي
أنا هنا رحلةٌ ألقى الزمانُ بها في قبضةِ الوجدِ أحلاماً من الكذبِ
مُشتّتُ الروح ضَوْءُ الحزنِ يُحرقُني فمَنْ يعيدُ لقلبي فرحةَ السحبِ؟
لا تذهبي، إنّ هذا القلبَ منكسرٌ وظلمةُ الليلِ ما زادت سوى وصبي
أنا اليباس، وهذا الرملُ أغنيةٌ ظمأى، وحباتُهُ وهمٌ من التعبِ
لا تلمسي الرملَ، كم أخشاهُ من ألمٍ! على يديكِ التي صيغت من الذهبِ
نثرتُ في مهمهِ الأوجاعِ أُمنيتي مُدثراً بالأسى، فالروح لم تطبِ
والريحُ ترقصُ، في أطيافها وجعٌ يهبُّ بين شراييني من النُّوَبِ
ألقتْ عصاها، غروبُ العمرِ يرهقُها والذكرياتُ جنونٌ من صدىً لجبِ
تلمّظتْ في شغافِ القلبِ وهي دجىً وكوّرتْها بناتُ الجنِّ في صخبِ
حتى أقلّ المدى في العين معجزةً مسكونةً برحيقِ الصمتِ لم تثبِ
وجاءَ يرفلُ في غيبٍ ألملمُهُ وعدٌ تمزّقَ بينَ العينِ والهدبِ
ما أبصرتْ نشوةً لذّ الجنانُ بها إلا تبخّرَ عطرٌ موحشُ العُشبِ
لا الشعرُ تقدحُ في الأعماقِ لمستُهُ ناراً تجدّدُ أحلاماً فلمْ أخبِ
مولّهاً بالمنى أنفاسُها انكسرتْ ولوعتي شهقةٌ في الروحِ لم تغِبِ
أظلّ أحبسُ ما بين الشفاهِ لظىً تخثّرتْ في دمي مشبوبةَ النُّدَبِ
بلغتُ وحشةَ دهرٍ باتَ يصهرُ في قلبي مطالبه، لو لم تكنْ أربي
المستحيلُ أناختْ فيه راغمةً نفسي، وتاهتْ على جدرانِهِ كُتبي
لم أقتطعْ في المدى أنغامَ أغنيةٍ إلا عزفتُ، وعزفي مرهقُ الطربِ
جارت عليه، فأرخى صوتَه قلِقاً والقلبُ تطحنُ فيه سورةُ الغضبِ
عمرٌ مضى، وأصابَ الدهرُ غايتَه منه، فصارَ رماداً ميّتَ اللهبِ
هل فرحةٌ منكَ تغفو في ملامحها لتخلعَ القلبَ من ميعادِها الكذِبِ؟
يستوطنُ الوهمَ يغدو في مواكبِه إنْ رام شيئاً من الأوهامِ لم يخبِ
ربيّتُ حلماً فشابتْ منه صورتُه وميعةُ الحزنِ في جنبيّ لم تشبِ
والدهرُ ينكتُ حلماً ثم يمسحُه والروحُ تمضغُ ما يُدني من العطبِ
أنا هنا قطرةٌ من عمرِ داليةٍ سقطتُ منها، فما رامتْ سوى سغبي
لم أنتخبْ رُتبةً للبدرِ شامخةً إلا تحطّمَ منها سامقُ الرُّتَبِ
ماضٍ تُراودُ في جنبيّ حسرتُه وحاضرٌ جرّحته صرخةُ الأدبِ
والمحزناتُ أقامت سرّ لوعتِها عهداً بلا سببٍ وصلاً بلا نسب
لم أقتطفْ من ورود العمرِ نشوتَها إلا شرقتُ بجرحٍ باتَ يشرقُ بي
المجلة العربية