الأخبار

إفتتاحـــية “رسال نيوز”

تُؤدي الصِّحافة أدواراً محوريَّة في المُجتمعات الإنسانِيَّة، كأداة اتصالٍ جماهيريَّةٍ رئيسيَّة، تدعم التعرُّف على ميول واتجاهات الأفراد، وتُساهم في تحديد المشاكل والعقبات المُجتمعيَّة وطرح وبلورة الحلول والمُعالجات المُجتمعيَّة اللازمة، كما تساعد الصِّحافة في تسهيل وإتاحة المعلومات والمعارف وتبادُلها عبر النشر والتوثيق. والصحافةُ الرصينةُ مَعْنِيَّةٌ بحُرِّيَّة التعبير وتعزيز مضامين الديمقراطِيَّة في المُجتمعات الإنسانِيَّة، وترقية أنماط وأساليب الحُوَار ومفرداته وأُطُره واحترام التَنَوُّع، والمُساعدة في كشف الفساد وأوجه القصور وترسيخ مبادئ المُحاسبة والمُحاكمة وإحقاق العدل والمُساواة، وغيرها من المضامين والقِيَم الإنسانِيَّة والأخلاقِيَّة.

الثورةُ المعلوماتِيَّةُ الهائلة التي انتظمت العالم بمُعطياتها الرقمِيَّة والاتصالِيَّة المُختلفة، فتحت الأبواب المُغلقة وأتاحت المساحات الواسعة لنقـل المعلومات والبيانـات والمعارف، دون قيودٍ أو شروط، وبسُرعة تتجاوز المسـافات والأزمنة والجُغرافيا، في كافَّة أنشطة ومجالات الحياة. والصحافة ليست استثناء مما جرى في هذا الخصوص، إذ انعكست هذه التطوُّرات والمُستجدَّات على العمل الصُحفي، سواء كمفاهيمٍ ومبادئ وأخلاقيَّات، أو بمنظور المهام والوظائف والرسالة المِهَنِيَّة، أو من جانب الهياكل المُؤسَّسيَّة والتنظيميَّة المُتعارف عليها في الصِّحافة التقليديَّة، وتَحوَّلت الصِّحافة من نشاطٍ إنسانيٍ محدودِ الأُطُر، إلى عملٍ مُتشابكٍ ومُتعدِّد الأهداف والمهام، بنحوٍ يرتقي بها لمصاف أسواق وبورصات المعادن والمحاصيل وأسواق المال والأسهم وغيرها، وتغيرت مُدخلات وعناصر إدارة وتسيير ونجاح الصِّحافة (التقليديَّة/المُكلِّفة)، كالأوراق والمطابع والتوزيع وما إلى ذلك، إلى العُنصُر البشري كمحور ارتكاز للنجاح أو الإخفاق بدرجاته المُتفاوتة.

فبنهايات القرن الماضي وبدايات الألفِيَّة الثالثة، ازداد اعتماد العمل الصُحَفي على مُعطيات الثورة المعلوماتِيَّة وتكنولوجيا الاتصالات، وبدأت وانتشرت الصِّحافة الإلكترونِيَّة بنحوٍ مُتسارعٍ في كافَّة أنحاء العالم، وهذا بدوره حَقَّق مجموعة من الإيجابيات كتقليل نفقات وتكاليف العمل الصُحَفي، وتعزيز مساحات حُرِّيَّة الرأي والتعبير بقيودٍ أقلَّ من السَّابق، إذ هَيَّأت الصُحُف الإلكترونِيَّة فرصاً إضافِيَّة لنشر الآراء والتحليلات وتبادل المعلومات والمعارف، سواء بالنسبة للصُحفَيين أو الناشطين السياسيين والاقتصاديين أو الباحثين والمُهتمِّين بالثقافة والاجتماع والفن وغيرها من المجالات. مُستفيدين من سهولة استخدام الإنترنيت دون مُعيقات، والكتابة بسهولة وبتكاليفٍ أقلَّ وسرعة وحُرِّيَّة، وانتشرت الأفكار والوصول إلى المجموعات البشريَّة المُستهدفة. وبقدر المزايا التي أتاحتها الثورة المعلوماتِيَّة المُتسارعة للعمل الصُحَفي، لكنها لم تَخْلُ من بعض العيوب أو السلبيات، كنشر المعلومات أو الأخبار الكاذبة دون استيثاق، أو التعاطي السطحي (غير المسئول) مع مزايا هذه الثورة الاتصالِيَّة الفريدة، وطرح مواد بصلاحيَّةٍ ضعيفة أو معدومة، أو إغفال مجالات وتخصُّصات مُهمَّة.

البعض أعزى ذلك التَرَاجُع أو الاختلالات لطبيعة الصِّحافة الإلكترونِيَّة المُتَّسِمَة بالسرعة، دون رقابةٍ أو غربلة، والبعض أرجعه لِقِلَّة الكادر البشري بالصُحُف/المواقع الإلكترونِيَّة، مُقارنةً بالصُحُفِ المطبوعة (الورقِيَّة) الزَّاخرة بالكفاءات البشريَّة، التي تقوم بمُراجعة وتدقيق المواد المنشورة، حرصاً على سلامة استدامتها أو خشيةً من المُساءَلات القانونِيَّة أو المُلاحقات الأمنيَّة وغيرها من الاعتبارات. وثَمَّة آراء تُرجِع اختلال الصِّحافة الإلكترونِيَّة لغياب التخصُّصيَّة، حيث العمل مُتاح للجميع دون تدقيقٍ أو مُراجعة، وسواء كان هذا أو ذاك، فإنَّ الصحافتين الإلكترونِيَّة أو الورقِيَّة ينبغي أن تحتكم لمبادئ واحدة في أداء رسالتهم، المَعْنِيَّة بتوعية وتثقيف المُجتمعات الإنسانِيَّة، وتسهيل انسياب الأخبار والمعلومات وتبادلها بعد (الاستيثاق) من صَحَّتها، استناداً للقِيَم الأخلاقِيَّة بتفريعاتها العديدة، والتي لم ولن تختلف باختلاف طبيعة العمل الصُحَفي، إلكتروني أم ورقي، فهي قِيَمٌ تستهدف البشر وتقوم عليهم بالدرجة الأولى، وهي التيرموميتر الذي يعكس السلوك الإنساني واتجاهاته، ومن هنا نبعت فكرة رسال, لتحقيق أكثر من هدف.

وعلى كثرة ما يموج به الفضاء الأسفيري من مواقعٍ، نحترمها ونُقدِّرها، لكن القِلَّة منها تلتزم بمبادئ وأخلاقيَّات العمل الصُحَفي الرَّصين و(المُتكامل)، سواء كان ذلك من حيث المِصداقِيَّة أو التَنوُّع أو الدِقَّة أو السَلامة اللُّغَوِيَّة أو التخصُّصيَّة، بخلاف (النَّمطِيَّة) الطَّاغِية على غالبيتها، والتي تتقاصر أمام ثَراء السُّودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي/المعرفي، كما تغفل الغالبيَّة عن المواهب الشبابيَّة الجديدة واكتشاف وتفجير طاقاتها الإبداعِيَّة في الكتابة والنشر. وهذه الهُمُوم و(التقاطُعات) خَامرَت دواخل العديدين، ومن ضمنهم أسرة “رسال”، الذين اجتمعوا على هذه القِيَمِ والمضامين والهُمُوم، وبمرور الأيَّام بدأت الفكرة تنمو وتتضخَّم إلى أن تُوِّجَت بإطلاق هذا الموقع، أملاً في المُساهمة – ضمن الجهود المُخلصة – لِسدِّ تلك الثغرات، وهذه هي إطلالتنا الأولى التي حرصنا لأن تأتي فريدة ومُتنوِّعة ومُفيدة، لفئاتٍ وقطاعاتٍ بشريَّةٍ عديدة، والاجتهاد – قدر المُستطاع – في تحقيق التَوازُنِ بين المجالات المُختلفة، وإتاحة أكبر مساحة مُمكنة للمواهب الشبابِيَّة الجديدة، وتشجيعها على تفجير طاقاتها الإبداعِيَّة ونشرها وتوثيقها.

نحن لا نَدَّعي أبداً بأنَّنا الأفضل، ولكن نأمُل ونتطلَّع لتحقيق أكبر قدر من رسالتنا ورؤيتنا التي حَدَّدناها، بمُساعدتكم ودعمكم ومُساهماتكم ومُلاحظاتكم التي تُنير لنا الطريق، وننتظر نتاجاتكم الفِكريَّة في شتَّى المجالات السياسِيَّة والاقتصادِيَّة والثقافِيَّة/المعرفِيَّة والإنسانِيَّة والاجتماعِيَّة والقانونِيَّة والفنِيَّة، وبنحوٍ خاص ندعو شبابنا من الجنسين لرفد “رسال” التي نسعى أن تكون صوتاً رسالياً للحق والتنوير والرُقي، وبالله التوفيق،،

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. حياك الله يادكتور سدد الله خطاكم وفقنا الله وإياكم السعي كفريق وطني يحمل هم الوطن وانسانه في قلبه وعقله وبالتوفيق الا من عند الله لك التقدير
    ير

  2. حياك الله يادكتور سدد الله خطاكم وفقنا الله وإياكم للسعي كفريق وطني يحمل هم الوطن وانسانه في قلبه وعقله ومالتوفيق الا من عند الله لك التقدير
    ير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى