
الشيطان يقود الشباب للجحيم
تحقيق : إسراء حسين
“م – ن” 26 سنة ، شاحب الوجه ، لا يكاد يسير بصورة طبيعية ، دلف الى عيادة الطبيب النفسي، وجلس إليه ، قبل الخوض في تفاصيل حياته ، أعترف بأدمانه لمخدر الآيس ومضى يسرد للطبيب قصة إدمانه قائلاً ” كنت مُغترِب في إحدى دول الخليج ، وعدت الى السودان في إجازتي السنوية ، إستغل اصدقائى وضعي المادي وأصبحت أساهر معاهم خارج البيت ، في الكافيهات ، كانوا يتعاطون شيئاً لم أره في حياتي .. فأنا أعرف “البنقو” ولكن ما كانوا يتعاطونه شئ غريب وطلبوا مني أن أجربه ، ترددت كثيراً ورفضت ذلك ولكنهم في نهاية الأمر أقنعوني أن أجرب ، جربت في المرة الأولى ، والثانية ولم أعد أتحمل العيش بدونه ، كنت أتصل على أصدقائي لنذهب للتعاطى ” .
ويقول الشاب بعد صمت طويل ” بدأ سلوكي يتغير إتجاه أهل بيتي وحتى طفلي الصغير كنت أبعده عني ، أصحبت عصبي جداً وأضرب زوجتي وطفلي الصغير” مع تزايد الخلافات والضغط الأُسري دخلت في حالة إكتئاب ، أيقنت بأنني يجب ان أبحث مخرجاً من هذه الأزمة بعلاج الإدمان وبالفعل شرعت في ذلك لكن التكاليف الباهظة لعلاج الأدمان حرمتني من مواصلة العلاج ”
الطبيب المعالج الذي طلب حجب أسمه واسم مريضه قال لـ “رسال نيوز” أن الشاب دخل في دوامة ما بين البحث عن علاج ، وفي مواصلة التعاطي والآن هو معلق مابين الأعراض الإنسحابية withdrawal symptoms للآيس وقلة الحيلة والفلس وتراكم الديون .
يسجّل القائمون على مركز “بت مكلي” لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل في ضاحية الأزهري جنوبي الخرطوم، ارتفاعا في أعداد مرتاديه من متعاطي المخدرات الراغبين في التعافي، حيث يصله يوميا بين 15 و20 شخصا يطلبون العلاج، في مؤشر على تفشٍّ خطير للمخدرات في السودان.
وتحذر مديرة المركز لبنى علي، ، من انتشار تعاطي مخدر “الآيس”، وتأثيره الكبير على صحة المتعاطين وسلوكهم. وتضيف “مقارنة بالوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعلاج، فإن عدد طالبي التعافي يبدو مخيفا لحد كبير“. وتقول لبنى إن بعض الأسر تعاني من تعاطي أكثر من ابن للمخدرات، كما تؤكد أن الإدمان لا يقتصر على الذكور، بل إن فتيات في مراحل عمرية مختلفة وقعن ضحية له، مضيفة “تكاد تكون النسب متساوية بين الشباب والفتيات“. وتؤكد لبنى أن العديد من المراكز الخاصة في الخرطوم تواجه ازديادا مضطردا في الراغبين بالعلاج من الإدمان، “حتى إن بعضها امتلأ على آخره”، وبين هؤلاء عدد كبير من متعاطي مخدرات “الآيس والترامدول والشاشمندي” وغيرها.
وبحسب خبراء، فإن “الآيس” أو “الشبو” أو “الكريستال ميت” جميعها مرادفات لنوع المخدر نفسه الذي يتم ترويجه على شكل صخور بلورية صغيرة كريستالية اللون أو مسحوق بودرة أبيض. ووفق الخبراء، يترك هذا المخدر تأثيرا إدمانيا قويا، ويتم تعاطيه بالتدخين أو بالحقن الوريدي أو بالاستنشاق بعد طحن حبيباته وتحويلها إلى بودرة، وتكفي جرعة واحدة منه لدخول عالم الإدمان.
ومع تزايد الانتقادات لتراخي الدولة عن محاصرة الانتشار الواسع للمخدرات، تبنّى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إطلاق حملة قومية للمكافحة لمدة عام، قبل أن يتهم جهات ومنظمات -لم يسمّها- بالترويح لهذه الآفات “بدعم بعض المجموعات تحت لافتة ترسيخ الديمقراطية”، في إشارة للاحتجاجات المستمرة لأكثر من عام للمطالبة بعودة الحكم المدني واستعادة المسار الديمقراطي.
يقول رئيس هيئة محامي دارفور الصادق علي إن الإعلان عن تورط منظمات في الترويج للمخدرات وسط الشباب، وبواسطة من يتولى المنصب الأول في الدولة يتطلب منه الكشف عن هذه المنظمات، وتحويل الأدلة التي تؤيد أقواله للأجهزة القانونية ومباشرة الإجراءات الجنائية في مواجهة المنظمات المتورطة “بدلا من إطلاق اتهامات في الهواء“.