النمو الديمغرافي المتزايد
د. عزيزة سليمان علي
الكل يلاحظ الزيادة المستمرة في عدد السكان على مستوى العالم، ومن ذلك تزايد أعداد كبار السن، ويرجع ذلك إلى التطور الصحي الذي يشهده العالم بشكل عام مع تفاوت نسبي في هذا الأمر بين البلدان المتقدمة اقتصادياً والبلدان المتخلفة. الرعاية الصحية المتقدمة تؤدي إلى تناقص الوفيات، وبخاصة بين الأطفال وهذا يعمل بشكل مباشر على تحقيق هذه الزيادة السكانية في جميع الشرائح العمرية المختلفة من الهرم السكاني للعالم بشكل عام ولبعض الدول بشكل خاص.
وفئة المسنين ممن شملها التزايد المطرد في العدد وبشكل جلي، فتظهر مؤشرات الإحصاءات السكانية اختلال شكل الهرم السكاني في بعض الدول, وذلك بتضخم قمة الهرم السكاني ووسطه سنة بعد أخرى, ويعود ذلك إلى تزايد عدد كبار السن وقلة المواليد مع ارتفاع معدل توقع الحياة. وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن التركيبة السكانية للعالم يطغى عليها كبار السن، ويتوقع في الخمسين سنة القادمة أن يزداد عدد كبار السن نحو أربعة
أضعاف بحلول عام 2050 م سيكون هناك واحد من كبار السن بين كل خمسة أشخاص بينما ستنخفض نسبة الأطفال من (33%) إلى (20%).
في القرن الواحد وعشرون سيشهد العالم زيادة فى العمر المتوقع عند الولادة وهذا يعتبر إنجازاً بشرياً هائلاً. فالبشرية تشهد تحولاً ديمغرافياً كبيراً بحلول عام 2050، حيث تزداد أعداد المسنين من 600 مليون نسمة الى نحو بليوني نسمة، وأنه يتوقع ان تتضاعف نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنه من 10 % إلى 21%. وستكون هذه الزيادة الأكبر والأسرع فى البلدان النامية، حيث يتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن أربع مرات خلال فترة الـ50 سنة المقبلة.
بالسودان في 2012 عدد الكبار ما فوق 60 عام بلغ 2.600 مليون وستمائة نسمة وسيصل هذا الرقم في عام 2050 الى 10 مليون نسمة، والآن نسبة هؤلاء تشكل 7.5%، وستصل في 2050 إلى 11%. توقع العمر عند الولادة ذكور 60 عام والإناث 64 هذا في الأعوام 2010-2015. وجدير بالذكر أن هذا العدد المتزايد من كبار السن على مدار السنين القادمة، يحتاج لإعادة النظر في ما يتعلق برعايتهم الصحية.
ما يلفت الانتباه، أن المسنات على مستوى العالم يفقن المسنين عدداً، وعلى نحو متزايد في المراحل المتقدمة من السن، ويُقدر اليوم أن هناك (81) رجلاً، مقابل كل (100) امرأة فوق سن الستين، وتنخفض هذه النسبة أكثر عند سن الثمانين وما فوق، لتصل إلى (53) رجلاً مقابل كل (100) امرأة. وسيترك هذا التحول الديمغرافي العالمي آثاراً عميقة على كل جانب من جوانب حياة الأفراد والمجتمعات المحلية والحياة على الصعيدين الوطني والدولي، كما سيتطور كل وجه من وجوه البشرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والنفسية والروحية.