مقالات

تداعيات الفقر في السودان

د. عزيزة

د. عزيزة سليمان علي [*]

يعيش حالياً في شمال السودان ما يقدر بنحو 48 في المائة من السكان تحت خطوط الفقر، مع ارتفاع معدلات الفقر في المناطق الريفية. كما أن معدلات البطالة مرتفعة، بالإضافة إلى انخفاض فرص العمل، وهكذا يساهم في التفاوت الاقتصادي في العديد من مناطق السودان.

بالإضافة إلى ذلك، أثرت الزيادة السكانية، إلى جانب تغير المناخ على القطاع الزراعي، مما يؤثر بدوره على الأمن الغذائي وسبل عيش السكان الذين يعيشون في السودان. وبالنسبة لسكان الريف، فإن هطول الأمطار غير الموثوق به، وانخفاض الانتاجية، وحيازات الأراضي الصغيرة هي من العوامل الرئيسية التي تسهم في الفقر في المنطقة. وقد أثرت هذه العوامل أيضاً، على الكثيرين الذين يعانون من سوء التغذية المزمن ونقص الوزن.

المناطق التي تعتبر أكثر عرضة للفقر، هي المناطق التي تأثرت بالعزلة. وتتواجد غالبية كبيرة من المستوطنات في السودان بعيداً عن المدن الحضرية الرئيسية، ولا تتوفر لها سوى إمكانية محدودة للحصول على الخدمات الاجتماعية والصحية. ومع ذلك، كما هو معروف، أن هناك قدراً كبيراً من الناس الذين يعيشون في تلك الأراضي التي تعاني من الجوع والمرض. وتشمل أشد المناطق فقراً التي تأثرت إلى حدٍ كبيرٍ بالعزلة، جنوب السودان سابقاً ودارفور والنيل الأبيض والنيل الأزرق.

من ضمن العوامل التي تسهم في الفقر في السودان، العجز المتزايد في مصادر المياه المترافقة، مع التزايد السكاني والتي تتطلب المزيد من الجهود لتحديد الأولويات في توزيع الموارد المائية وترشيد استثمارها. وعلى الرغم من أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في الفقر في السودان، فإن الصراعات الداخلية تزيد من تأجيج الحالة المتقلبة في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض العديد من المناطق التي سكنها الإنسان، لأنواعٍ كثيرةٍ من التلوث التي يتسبب فيها الإنسان نفسه، مثل تلوث الهواء والماء والأمطار الحمضية، وتَكُون المواد السامة واختفاء الحياة النباتية بها، وذلك يرجع لأسباب عديدة، منها الرعي الجائر وقطع الغابات. ويتفق العلماء على وجود علاقة قوية بين أنشطة الإنسان، مردّه زيادة الانبعاثات من المصانع ومن عوادم وسائل النقل المتزايدة، العاملة على المحروقات من السيارات والحافلات، وكلها تصدر ثاني أكسيد الكربون وغازات مضرّة أخرى، وكلها تعمل على زيادة تلك الغازات وتراكمها في الجو.

كيف يمكننا القضاء على الفقر؟ لعل من أبرز الحلول العملية للقضاء على الفقر ايجاد وظائف مستديمة لمن لا يملكون وظائف ذات مداخيل ثابتة مع التأكد من أنهم يستمرون على رأس العمل، ذلك أن الفقر مفهوم منتشر وظاهرة مستفحلة في أوساط تلك الفئات التي تفتقد إلى الوظائف، وهكذا فإنه من الضروري القضاء على البطالة للتخلص من الفقر وآثاره السلبية.

إن الفروقات بين الأغنياء والفقراء أصبحت شديدة الوضوح، والحقيقة أن المسافات بينهما قد أصبحت أكبر، بحيث يزداد الغني غنىً والفقير فقراً، والغريب في الأمر أن ذلك لا يعني قلة السلع الاستهلاكية، إذ لم يشهد العالم وفرة في الغذاء كما يشهدها الآن، ويرجع ذلك إلى التقدم التكنولوجي الكبير الذي يزداد كل يوم.

وبعد كل هذه الظروف، وعلى الجهة الأخرى، فإن العالم الأول كما يسمى أو عالم الدول المتقدمة، لاينظرون إلى مثل هؤلاء المعانين والمعذبين في العالم، والمسألة بالنسبة إليهم أن هناك معدلات للفقر ضمن سكان العالم، كما أن هناك نسبة من الأغنياء، ولكنهم لا يشغلون بالهم حتى بالتمييز بين من يطلق عليهم الأغنياء، ومن يطلق عليهم الفقراء. وقد تشعر هذه الدول المتقدمة بذلك جيداً وعلى وعي به، وهذا ما يجعلها تستمر في سياستها مع الدول النامية، والواضح أن الدول الغنية في العالم قد تمنح أو تتبرع لتلك الدول الفقيرة من أجل تحقيق أهدافها الخاصة.
أيضاً تقدم الدول المتقدمة هذه المنح للدول بنظامٍ معين، وبحساباتٍ دقيقة، فالمنح غير المشروطة والكافية لاحتياجات البلد يمكن أن تؤدي إلى اكتفائه واستقلاله، بحيث لا يصبح تابعاً وهذا ما لا ترضى عنه الدول الكبرى المانحة، وعلى كل حال فإن ذلك يعدّ جزءاً مكملاً لمخططات العولمة التي تسمح للدولة الغنية بالازدهار، ودول أخرى بأن تظل فقيرة وتابعة لها.

[*] استشاري الطب الباطني والقلب والشيخوخة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى