
الخرطوم : إسراء حسين
واجه السودانيون وضعاً اقتصادياً بالغ التعقيد بعد قرار تحرير سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) مقابل نظيرتها الأجنبية في يناير 2022م، مما انعكس على الأسعار التي ارتفعت بنحو جنوني، فاضطرت آلاف الأسر للتخلي عن شراء المستلزمات الأساسية أو تخفيض كميتها للتمكن من مقابلة الضغط المعيشي المتزايد.
(1)
وبعد تحرير سعر الصرف، بات الوضع في نظر كثيرين أكثر قتامة وكارثية، ولم تقتصر الأسعار العالية على السلع الضرورية والاستهلاكية فطالت الزيادات قطاع الأدوية والكهرباء والنفايات والوقود وغاز الطهي، كما زادت تعرفة خطوط النقل العام وكذلك رفعت شركات النقل الخاصة أسعارها وامتدت الزيادات إلى الملابس والأحذية بنسب بلغت في بعضها 500-1000%.
ويعتقد الاقتصاديون أن أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية في السودان بالعام 2022م، ليست فقط الكساد أو التضخم، اللذين امتزجا وأصبحا ما يسمى بالتضخم الركودي وهو أخطر ما يمكن أن يحدث لاقتصاد أي بلد، ومن أهم معالمه تباطؤ أو توقف الدورة الاقتصادية في البلد، بالتالي حدوث انخفاض حاد في الاستهلاك مع ارتفاع حاد في أسعار السلع).
فيما ارتبطت موجة الاضرابات بالتدهور الاقتصادي المستمر الذي عاناه السودان منذ بداية العام الماضي ؛ والذي برزت ملامحه في الارتفاع الكبير في معدلات التضخم التي فاقت الـ 500% على أساس سنوي، وتآكل القدرة الشرائية للمستهلك في ظل تدني الدخول وتراجع قيمة الجنيه بنسب وصلت إلى أكثر من 700 %، حسب ما ادلى به الأستاذ وليد محمد عبد الرحيم وقال وليد لــ(رسال نيوز): ان زيادة الضرائب والرسوم بمعدلات تراوحت بين 500 _1000% في العام 2022م انعكست بشكل كبير على الاقتصاد وادت الى التدهور المريع واثرت بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للمواطن، مما أدى إلى رفع معدلات الفقر إلى أكثر من 60 % من السكان البالغ تعدادهم نحو 40 مليون نسمة.
(2)
ويقول المواطنون انهم لم يعودوا قادرين على مجاراة الحياة في السودان بعد سلسلة من الزيادات الكبيرة في أسعار الخدمات والرسوم، ويقول وليد إن الحكومة لجأت لهذه القرارات لتغطية العجز الكبير في موازنة الدولة بسبب المشكلات المتفاقمة التي يعانيها الاقتصاد السوداني في الوقت الحالي، وفقدان الحكومة لأطر التعاون الدولي بعد تعليق البنك الدولي وصندوق النقد والولايات المتحدة والبلدان الأوروبية تدفقات بأكثر من 8 مليارات دولار في أعقاب اجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر.
(3)
وتفاقم الوضع المعيشي حسب قول وليد مع لجوء المالية لزيادة رسوم الموانئ بأكثر من 300 % كما تضاعفت رسوم أرضيات الموانئ 4 مرات تقريبا ، هذا إضافة الى ارتفاع رسوم شحن الحاويات بنحو 500 % من بعض الموانئ ما تسبب في خروج العشرات من السوق وبالتالي أدى الى ارتفاع اسعار السلع المستوردة ، وخرج العشرات من السوق بسبب الركود والخسائر الفادحة التي تكبدوها جراء هذه الإجراءات .
(4)
وطبقاً لخبراء اقتصاديين لم تنحصر تأثيرات الزيادات الضريبية والجمركية على المستهلك وحده بل طالت المنتجين والتجار أيضا ، وأرجع المستثمر الصناعي وعضو اتحاد الصناعات السوداني الفاتح جبورة في تصريحات صحفية خروج عدد من المصانع من دائرة الإنتاج، في العام الماضي بسبب الزيادات الكبيرة في الضرائب والرسوم .