سعد محمد أحمد يكتب .. السلطة الإنتقالية تشارك في إجهاض الثورة
كيف يمكن لنظام يعمم الفقر والفاقة بالنسبة للاكثرية من السودانيين اي اكثر تهميشا من الفئات الشعبية التى تعيش الفقر بصفته شرطا بنيويا ينطوي على استدامة من جهة والفئات اتضافت اليها فى معية تفاقم ازمة نظام ازمة عدالة وافتقاد العمل والدخل الناتج عنه من جهة اخرى بعد كل تهافته البين والصريح ناهيك عن جرائمة المتراكمة المعممة كيف تكون ممثلا لـ «قحت»!؟ ضغوطات سياسية واقتصادية حادة نتيجة لمؤامرة الدولة العميقة ودول اقليمية واحزاب مخاصصة ومليشيات مسلحة للاطاحة بالثورة واجهاضها لم تتوقف منذ فشلها فى فض الاعتصام التى أصبحت شوكة حوت فى مسيرتهم السياسية والامنية من مصلحتها ان يكون السودان فى ضغط سياسى اقتصادى حتى يعيش المواطن لاهثا وراء قوت يومه شكلت تلك المؤامرة علاقات اقتصادية وبابا واسعا بل فخا كبيراً للوقوع من خلاله فى فلك التبعية بل لتمتد فى الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية للبلاد بهذا الشكل السافر والمهين لكل الشعب السودانى عندما يستمر الانحدار اكثر فاكثر الى القاع كما يتضح من المسار الذى بدأ منذ قبول المكون الامنى للنظام المخلوع بكل تفرعاته من قاعدته إلى أعلى هرمه فى السلطة الانتقالية فما الذى يمكن ان يأتى عندئذ!؟.
العدالة لم يتحقق السلام لم يتم حياة المواطن اصبحت تعيسه سيولة أمنية أصبحت البلاد تدار بالريموت كنترول من خارج الحدود ماذا تبقى من الثورة الخطر يداهم البلاد ارضاً وانساناً الحكومة لا تمثل قوى الثورة الحقيقية الثورة تمت إختطافها وجارى القضاء عليها الامر لا يمكن الصبر والسكوت عليه لابد من تحالف قوى الثورة الحقيقية قوى الحرية والتغيير التى عبثت باسمها العابثون والتى تنال اللعنة دون جناية لأنه محاولة لاحتراق جدار الاصطفاف الانغلاقية سواء كانت دولة عميقة أو حزبية تقليدية أو مليشيات مسلحة أو شللية إنتهازية متوحشة «مدنية» أو تحالف عصابة أولاد صندوق النقد الدولى كما انه محاولة تستهدف طرح الحلول الاكثر استجابة لمصالح أوسع فئات الشعب بهدف الخروج من نفق ازمة النظام السياسى والاقتصادى والمالى والمؤسساتي الذى انتج الازمة المعممة التى تعصف بالسودان وبأوسع فئات شعبه كيف ترتسم حظوظ هذ الاختراق فى مواجهة الاصطفاف الصلبة الامبريالية الهوى؟ انها ترتسم من خلال طرح نقدى هادف إلى تلمس وجهة نفاذ من النظام المنهار وصولا إلى نظام مدنى ديمقراطي ركيزته العدالة الاجتماعية وتحقيق وتنفيذ مطالب الثورة أولها القصاص للشهداء والمجلس التشريعى وسلطة انتقالية مدنية كاملة الدسم اما قاعدته فتضم أوسع تكتل شعبي خارج تلك الاصطفافات من كل الانواع سعيا لبناء هوية وطنية جامعة وغير تمييزيه هل يساعد ظرف الازمة المعممة للنظام بخروقات بنوية فى صلبة؟ الجواب مبدئيا هو الايجاب إذ أن أزمة النظام الحالية لم تعد تطال فقط طريقة اشتغاله أو انفصامه البنيوي بين بعده المخاصصة التمكينية من جهة أو ارتكازه فقط إلى نهب الموارد العمومية من قبل فئة تتموضع فى صلب النظام الاقتصادى والمالى والريعى من جهة أخرى أنه نظام مأزوم بكل مكوناته ولم يعد بامكانه الاستمرار إلا بتعظيم الازمة عن طريق زرع الفتن والانصياع إلى مشيئة الخارج الاقليمى منه والدولى.
هل يمكن للقوى الشعبية بمكوناتها المختلفة النقابية والمهنية والطلاب والنساء وكل من يتعايش من اجرة ومرتب وعمل ومهنة ووظيفة وزرعه ورعيه كما العاطلين من العمل واصحاب الحاجات الخاصة ان تتجاوز انقساماتها التى عمل النظام تاريخيا على تعميقها بين السودانيات والسودانيين الجواب هو نعم فالازمة المعممة الحالية برهنت بشكل قاطع انه سارق لثورة هؤلاء ومجهض لاهدافهم ومطالبهم ان اصحاب النظام من اصحاب المخاصصة والعسكرتاريا وقوى اقليمية وامبريالية والراسمال الريعى والمحتكرين وقوى «الامر الواقع» الذين مارسوا أوسع عملية قتل ونهب لموارد البلاد العمومية وانتهوا إلى وضع يدهم على كل موارد البلاد لاخيار لديهم سوى ممانعة اي حل يلزمهم بتسديد كلفة ما تسببوا به ماليا وسياسياً وجرميا لذلك منهم يمانعون بطرق شتى يتمثل ابرزها شراء الذمم وتعطيل العدالة وباستقطابات مناطقية وجهوية وسلاح فينتهى الامر إلى «إنفجار» يصبح هو الحدث وبدل تحديد المسؤوليات واكراه المنظومة على تسديد الحساب يصبح «انقاذ» البلد وليس النظام فقط هو المسألة الملحة هذا ربما هو ما تجسد فى احداث دارفور اخيراً مع السلام المزعوم اذن ظرف الازمة المعممة ينطوى على أخطر الاحتمالات التى سيحاول النظام المخاصصي الريعى استخدامها بغية التملص من دفع ثمن فعلة اصحابه المدمرة بحيث يصبح الثمن الذى سيكون على «غير المحظيين» دفعه مضاعفا وهكذا يرتسم افق صريح الوضوح بالنسبة إلى السودانيين ممن يتوقون إلى وطن يعاد تشكيل النظام فيه على قاعدة نظام سياسي مدنى موحد يواكبه نظام اقتصادى منتج ونظام تعليمى يرتكز إلى التعليم العام فى كل مراحله منفتحاً على التعامل مع الحاجات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمهنية والتقنية والفنية كما يكون الوصول اليه بتناول الجميع كل ما تقدم تختزله عبارة تتمثل فى سيادة الحقوق المدنية والحق بالعمل والخبز مع الكرامة والعدالة الاجتماعية لا تستثنى اي مواطن من شمولها الطريق إلى ذلك كله صريح وواضح إذ هى تتمثل فى اقصاء من ارتكب الجريمة بحق الوطن والسودانيين فيحاكم ويحاسب على فعلته لا ترك الباب لتزحف الزواحف فى الحدائق كأنها رمال جرداء بالاحياة هناك أمران لابد الاول ثمة ازمة معممة يسأل عنها ويحاسب والادلة على جرائم هؤلاء ساطعة ومؤكدة ومع ذلك لم نجد من الحكومة الانتقالية الموكل اليها السهر على تطبيق القانون وحماية المواطن الذى تعرض للقتل وللافقار كما للسرقة الموصوفة اي القضاء المختص نفسها معنية بانزال اشد العقوبات بالمرتكبين ماعدا استثناءات تثبت القاعدة فبقيت محاسبة هؤلاء واسترجاع المنهوب من المال العام واملاك الدولة تقيم فى الادراج المقفلة بانتظار ثورة شعبية حاسمة فى مواقفها ومطالبها.
الامر الاخر ان كل مؤسسات هذا النظام اللاديمقراطي واللادستوري لتولد ما يسمي مجلس الشركاء بدل المجلس التشريعى الثورى فمثال مجلس الشركاء تستدعى الغائه خارج العلاقات المخاصصة كما انها مؤسسات لا يمكن أن تعمل خارج الرقابة الديمقراطية التى يؤمنها قانون ملائم وشفافية تسمح للسودانيين بمساءلتها عند الضرورة بالطرق القانونية الملائمة كما بالضغط الشعبي المباشر الازمة الاقتصادية المالية وحدود تاثيرها فى «اعادة» تشكيل الوعى الجماهيرى حتى الآن برز نتيجتان الاولى اعراض الشعب عن التجاوب السلطوى الانتقالى التفكك التدريجى للنظام وفى معيته تفكك الحكم فى ابرز مواقعه بحيث اصبحت آلية القرار فيه مرهونة بمحددات لا تتصل بالمسؤولية الرسمية «الوطنية» بل بتمثيل مليشاوي وتخاصص حزبى ودولة عميقة ومحاور اقليمية وعملائها كما اظهرته مؤخراً مواقف بعض الوزراء ومسؤولين فى الدولة هل يسمح ذلك بالاستنتاج بأن ازمة النظام الانتقالى المعممة تحيل إلى تبلور اوضح فى امكانية الاستجابة لتجربة مدنية مواطنية يمثلها تحالف قوي الثورة الحقيقية اصحاب الحق الرحم التى خرجت منها الثورة.
هل يقود اطياف الازمة المعيشية والبطالة المعممة إلى بروز تيارات اميل للجذرية تخرج عن الاصطفافات؟ ام ان كثافة اللحظة ستبقى التحالفات فى مركز الجاذبية الاهم سياسيا فى المدى المنظور سيساهم تفاقم ازمة النظام سياسيا واقتصاديا لكن عدم توفر طرح اميل ما يكون للتكامل برنامجيا يحلل ازمة النظام العامة ويطرح حلا ديمقراطيا تغييريا عمادة اعادة الثورة إلى عنفوانها وتنفيذ برامجها.
الواقع فى حاجة إلى اصلاح مسار الثورة وهذا الاصلاح فى حاجة الى تحالف قوى الحرية والتغيير وعليه ان يطرح حلولا لازمة النظام من باب الاصلاح اي اصلاح يمكن اقتراحه.
الوزن السياسى للتحالف تحمله مباردات تلاقى الصدى جماهيريا من حيث المبدأ هذا يعنى ان مكوناته عليها ان تكون على السوية نفسها بعد بنائها بتأن بحيث لا تكون ظرفيه هل ثمة مؤشرات على تحقيق هذه الامكانية؟.
الوزن الطبقى للقوى المسيطرة سيبقى متوقفا على طبيعة الحلول المطروحة والقدرة على اقناع الطبقات والشرائح الاكثر معاناة من الازمة المعممة بفعاليتها وعلى اقتناعها بالقوى التى تقترح تنفيذها ما هي الطريق إلى ذلك؟.
هكذا ايمكن طرح البديل من زاوية برامجية وطنية بحيث تساعد بناشطي الثورة وناشطاتها وممثلى القوى المدنية والاحزاب الغير مرتبطة بالنظام المخاصص الانتقالى والمنظمات والنقابات وغيرها على اعداد برنامج للاصلاح يحفز اوسع فئات المجتمع على المشاركة بتحرك هادف وحاسم.
لكن الامر الاساسي يبقي متوقفا على طبيعة البرنامج المفضل الذى يمكن للتحالف ان يطرحه من جهة وعلى القدرة التعبوية المحفزة للمشاركة فى انشطة «التحالف» وفى صيرورته قوة شعبية مقررة من جهة ثانية ومن ناقل القول ان الاستخدام المكثف اعلاميا عبر الندوات والميديا واستعمال النت لانتزع الحقوق والثورة لاصحابها من انياب سادتي الثورة فالسلطة التى تخاف السقوط فى رمضان تستحق الاسقاط.