مقالات

عودة  لحروب دارفور

د.  عزيزة سليمان علي

د. عزيزة

وصفـت الأمم المتحدة، مراراً وتكراراً، ممارسة التطهير العرقي بأنها تمثل انتهاكاً للقانون الإنسانـي الدولي، وطالبت بمحاكمة مرتكبي التطهير العرقي. وتعتبر الانتهاكات الفردية لحقوق الإنسان التي يتسم بها التطهير العرقي جرائـم ضد الإنسانية، وجرائم حرب.

وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أدلة قاطعة على أن حكومة السودان، قد حاولت عامدة، إخراج السكان من طائفتي مساليت وفور، بوسائل العنف، من مناطق شاسعة في دارفور، في عمليات تعتبر بمثابة تطهير عرقي. فإن الهجمات الموجهة ضد المدنيين، وإحراق قراهم، والقتل الجماعي للأشخاص الخاضعين لسلطتهم، وإرغام السكان على النزوح، وتدمير مخزوناتها الغذائية ومصادر رزقهم، ونهب ثروتهم الحيوانية، على أيدي قوات الحكومة والميليشيات، لا تمثل فحسب سياسة إحراق الأخضر واليابس أو عنصراً من عناصر استراتيجية مناهضة التمرد، بل إن هدفها، في ما يبدو، هو إخراج هذه الطوائف العرقية من مناطق شاسعة من ذلك الإقليم وإعادة توزيع سكانه، ووضعهم معظمهم بجوار المدن التي تسيطر عليها الحكومة، حيث يمكن تركيزهم، وقصر انتشارها والتحكم فيهم. وما تلا ذلك من قيام الحكومة السودان بحرمان هؤلاء السكان من المعونة الإنسانية، وذلك في ظروف أصبح فيها هؤلاء السكان عالة على مواد الإغاثة، يمكن اعتباره أيضاً جانباً من استراتيجية إنهاك قوى نسبة كبيرة من النازحين، وربما إهلاكهم، ومنعهم من العودة إلى قراهم الأصلية. وقد تفاقمت الأوضاع بسبب قيام الجنجويد والطوائف العرقية العربية ذات الصلة بهم باحتلال بعض مناطق طائفتي فور ومساليت، واستيطانهم الظاهر فيها. وسوف يتغير التركيب العرقي للإقليم إلى الأبد، ما لم يبدأ التصدي بصورة عاجلة للنزوح الواسع النطاق الذي حدث، بحيث يعود.

ورغم أن “التطهير العرقي” ليس له تعريف رسمي في القانون الدولي، فقد وضعت لجنة من خبراء الأمم المتحدة تعريفاً للمصطلح يقول إنه “سياسة متعمدة تهدف بها طائفة عرقية أو دينية إلى استخدام وسائل العنف وقذف الرعب في القلوب لإخراج السكان المدنيين المنتمين إلى طائفة عرقية أو دينية أخرى من مناطق جغرافية معينة. والغرض من هذا، في ما يظهر، هو احتلال تلك المنطقة بعد استبعاد الطائفة أو الطوائف التي شملها التطهير.

تسجيل هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير نمطاً من انتهاكات حقوق الإنسان في غربيّ دارفور، يمكن اعتباره سياسة “تطهير عرقي” من جانب الحكومة، وأي محاولة للتخلص من طائفتين عرقيتين معينتين هما طائفتا فور ومساليت، بإقصائه عن مناطق إقامتهم.

ولقد سبق إصدار تصريحات مماثلة من جانب مصادر موثوق بصدقها، وخصوصاً منسق إغاثة الطوارئ في منظومة الأمم المتحدة والمنسق المقيم السابق لمنظومة الأمم المتحدة في السودان، ويقوم الجنجويد في نقاط التفتيش باحتجاز واغتصاب وقتل المدنيين من طائفتي مساليت وفور، وفرض الرسوم على العربات التي تسير في تلك الطرق، مما منع الكثيرين من محاولة الرحيل من بلد إلى بلد، أو من المدن إلى الغابات. وهي تفرض ضرائب على السيارات التي تنقل المسافرين بين البلدان، وتهدد أصحابها بالقتل أو السجن إذا لم يدفعوا “الضرائب. وهم يهددون السائقين بتوجيه الاتهام إليهم قائلين: أنتم دائماً ما تنقلون المتمردين من الغابات وإلى المدن واحتلال الجنجويد لقرى مساليت واستيطانهم فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى