تحقيقات

فيليب موريس تراهن على تخفيف السجائر التقليدية في أفريقيا

التحول إلى نظام التبغ المسخن منخفض المخاطر

المنطق التجاري يحتم أولوية الربح على الصحة

يراهن عملاق التبغ العالمي فيليب موريس إنترناشيونال على تخفيف منتجات السجائر التقليدية الاحتراقية في العالم وبصفة خاصة في قارة أفريقيا التي تتميز بعدد كبير من المدخنين وذلك من خلال إستراتيجية الشركة لتغيير هذه السجائر بوسائل جديدة على غرار التبغ المسخن لتخفيف المخاطر الصحية ومساعدة البالغين على الإقلاع عن التدخين في ظل تزايد ضغوط المنظمات الدولية المكافحة للتدخين.

تكشف تحركات عملاق التبغ العالمي فيليب موريس إنترناشيونال عن توجهات جديدة إلى تطوير صناعة السجائر التقليدية واستبدالها بمنتجات خالية من الدخان على غرار منتجات التبغ المسخن الأقل خطورة رغبة الشركة في تبديد الشكوك بشأن التهم الموجهة إليها بإضعاف وتجميد قوانين لمكافحة التدخين في أفريقيا.

وفي هذا السياق قال الرئيس المدير العام لعملاق التبغ العالمي فيليب موريس إنترناشيونال جاسيك أولكزاك إن “تطوير المنتجات الخالية من الدخان في أفريقيا يمثل تحديا حقيقيا لهذه المؤسسة”. وأوضح أولكزاك في كلمة له خلال ندوة صحافية افتراضية تحت عنوان “ريادة التحول” نظمت بمناسبة تعيينه رئيسا مديرا عاما جديدا للمؤسسة، أن حضور مؤسسة فيليب موريس إنترناشيونال في البلدان الأفريقية بشكل عام، ودول شمال أفريقيا بشكل خاص، يعتبر أمرا بالغ الأهمية على اعتبار أن معظم منافسيها موجودون في هذه القارة، مشيرا إلى أن التحدي لا يكمن في تسويق منتجاتها في المنطقة فحسب، بل في إنشاء بعض البنى التحتية الأساسية أيضاً. وتأتي هذه التحركات بعد اتهامات سابقة لاحقت الشركة حيث اتهمت بمحاولة إضعاف أو تجميد قوانين مكافحة التدخين، ولاسيما في أفريقيا.

تحدث أولكزاك عن مستقبل خال من الدخان بقوله إنه “يتمثل في استبدال الاعتماد على الدخل من السجائر التقليدية في أسرع وقت ممكن”، مبينا أن مجموعة منتجات المؤسسة الخالية من الدخان تشمل منتجات التبغ المسخن، بما في ذلك التبغ المسخن كهربائيا (إيكوس)، وكذلك المنتجات المولدة للبخار المحتوية على النيكوتين. وتابع “بصفتنا شركة رائدة في مجال الابتكار العلمي، فإن طموحنا بحلول سنة 2025، هو الحصول على أكثر من نصف صافي دخلنا من المنتجات الخالية من الدخان”، مؤكدا أن الشركة الدولية ستعتمد في هذا الصدد على البحث العلمي من خلال التوسل بمؤهلاتها وذكائها الجماعي بما يخولها الابتكار المفضي إلى تجاوز استثماراتها الحالية واستكشاف مجالات جديدة للتنمية التجارية.

جاسيك أولكزاك: تطوير المنتجات الخالية من الدخان في أفريقيا يمثل تحدياً

وفي هذا الإطار أشار إلى أن 98 في المئة من نفقات شركة فيليب موريس إنترناشيونال موجهة إلى البحث والتطوير المتعلق بالمنتجات الخالية من الدخان ومن المخاطر وذلك بهدف ضمان مستقبل أفضل لجميع المدخنين البالغين. وأضاف أولزاك بأن ما يقرب من 14 مليون مدخن بالغ في جميع أنحاء العالم قد تحولوا إلى نظام منتجات التبغ المسخن “إيكوس”، وهو نظام طورته شركة فيليب موريس إنترناشيونال ويعد بديلا منخفض المخاطر بالمقارنة مع السجائر، ما ساعدهم على الإقلاع عن التدخين.

تعتمد فكرة السجائر الجديدة التي يطلق عليها اسم “إيكوس” على تسخين التبغ بدلا من حرقه. وتزعم الشركة العملاقة أن ذلك يوفر للمدخنين الحصول على نفس القدر من النيكوتين، ولكن بنسبة 90 أقل من حيث السموم التي قد تنقل مع التدخين. وتقول الشركة إن التجارب التي لم يستوثق من نتائجها بواسطة جهة خارجية بعد، توصلت إلى أن السيجارة الجديدة لديها نفس تأثير الإقلاع عن التدخين.

تحتوي سيجارة “إيكوس” على بطارية قيمتها 45 جنيها استرلينيا وتبدو أشبه بهاتف محمول صغير مكتنز. ويمكنك شراء حزم من أعواد التبغ، يصل سعر الحزمة المكونة من 20 عودا إلى 8 جنيهات استرلينية. ويقول مستخدمون إنها أقل ضررا مقارنة بالسجائر التقليدية ولا تعلق رائحتها بالملابس.

وأوضح أولزاك أن المؤسسة تهدف أساسا إلى ضمان أن منتجاتها الخالية من الدخان تلبي طلبات المستهلكين البالغين، وتنضبط للمتطلبات التنظيمية الصارمة للغاية. وأكد رئيس المؤسسة “رؤيتنا التي يلتزم بها كافة أعضاء شركة فيليب موريس إنترناشيونال تتمثل في حلول هذه المنتجات الخالية من الدخان يوما ما، محل السجائر. هذا أمر ممكن، لكن لا أحد يعرف حتى الآن متى يتحقق هذا الحلم”.

يشار إلى أن شركة فيليب موريس إنترناشونال تقود تحولا في صناعة التبغ تستهدف من خلاله القضاء على التدخين واستبدال السجائر في نهاية المطاف بمنتجات غير احتراقية لفائدة البالغين الذين يرغبون في الاستمرار في التدخين بشكل مختلف. ومنذ من 31 مارس 2021 طرحت منتجات فيليب موريس إنترناشيونال الخالية من الدخان للبيع في 66 سوقا.

ووفقا للعاملين في شركة التبغ الدولية فإن إستراتيجية فيليب موريس تتمثل بعدم اجتذاب مُدخنين جدد. وكما يقولون في الواقع فإن من المفترض أن تقوم مخازن “إيكوس” بإبعاد غير المدخنين. وإن اختيار عدم التدخين أو الإقلاع عن السجائر بالكامل هو الخيار الأفضل. ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين لا يفعلون ذلك، فإن منتجات الشركة الخالية من الدخان يمكن أن تكون أقل ضرراً من الاستمرار بتدخين السجائر التقليدية.

رغم أن إقناع العملاء بعدم شراء مُنتَجٍ حَقَّق أرباحاً هائلة للشركة لا يبدو إستراتيجية تعود بالنفع، لكن فيليب موريس العالمية تقول إن تحويل المدخنين الحاليين الذين يزيد عددهم عن مليار شخص في العالم، لتدخين بدائل خالية من الدخان يترك مجالاً كبيراً للنمو. وكانت شركة فيليب موريس إنترناشيونال قد أنفقت ثلاثة مليارات دولار على ابتكار السيجارة البديلة. وقال أندر كالانتزوبولوس المدير التنفيذي للشركة في تصريحات صحافية في وقت سابق إنه يرغب في التعاون مع الحكومات في سبيل “وقف تدريجي” للسجائر التقليدية. وقال حينها إن الشركة تعرف أن منتجاتها تضر بصحة المستهلكين، وأن خير استجابة لتصحيح المسار تكمن في “العثور على وتسويق” أنواع أقل ضررا. وأضاف “هذا هو هدفنا الواضح”. وليست هذه المرة الأولى التي تجري فيها شركات صناعة السجائر تجارب على تسخين التبغ بدلا من حرقه لتقليل الضرر على المستهلكين.

ففي ثمانينات القرن الماضي أنتجت شركة رينولد الأميركية لصناعة التبغ نوعا من السجائر أطلقت عليه “بريمير” يعتمد على تسخين التبغ. ولكن ظلت تعتمد على بعض الاحتراق. وظلت الشركة تنتج هذا النوع من السجائر على مدار عام، لكن المستهلكين اشتكوا من تعقد عملية الإشعال فضلا عن الإحساس بمذاق الفحم. ولكن حملات مناهضة للتدخين قالت إن منتجات مثل “إيكوس” مثلها مثل التبغ تحتاج إلى إجراءات تنظيمية صارمة.

قالت ديبورا أرنوت، المديرة التنفيذية لمجموعة المبادرة بشأن التدخين والصحة للتوعية “لا زلنا نحتاج إلى توخي الحذر الشديد بشأن ما ترغب فيه قطاعات التصنيع”. وأضافت “شركة فيليب موريس هي شركة تبغ. ولا تزال الشركة تجني أرباحها من بيع السجائر. من ناحية أخرى سيقتل التدخين مليار شخص في القرن الحادي والعشرين، معظمهم في الدول الفقيرة”. وقالت “إذا كانت فيليب موريس ترغب بالفعل في وقف التدخين فعليهم أن يمتنعوا عن الترويج للتدخين لصغار المدخنين الجدد في شتى أرجاء العالم”.

العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى