مقالات

قراءة في الذكرى الثانية للسادس من أبريل

سعد محمد احمد يكتب

الذكرى الثانية لعنفوان الثورة مازال حوار الطرشان بين السلطة الإنتقالية والثوار الذين اتاحوا لهؤلاء النخب الكراسي الوثيرة بثورة قدموا فيها أرتالا من الشهداء لم يتم للان القصاص لهم في ظل سلطة سيادية وتنفيذية تعاني من النرجسية ، والنرجسية هي التباهي بالتراث والاستعلاء على الاخرين من الطبقة السياسية والاستخفاف الكامل بقوى الثورة.
صاحب النرجسية لاينظر إلى نفسه في المرأة يخاف ان يرى وجها بشعا يعبر عن روح بشعة يكيفه ان يرى نفسه مختلف عن الاخرين متفوق عليهم وملهمهم عادة تكون لديه حاشية من الذين يحومون حوله هؤلاء ينظمون هدومه وينظمون عقله يدخلون في تفاصيل حياته وفيما يعول يوصلونه إلى درجة اللا معقول المضجك المبكي في أن واحد تبكي منه وتضجك عليه يدعى الانصات افكاره رثه معادة مكررة كأنها مستحرجة من مستنقع راكد اسن من مخلفات النظام المخلوع هم وحاشيتهم يغرفون افكارهم من المستنقع ليخطب صائحا كنقيق الضفادع يخيفهم الشلال لا يستغون افكارهم “عبقرية ” ادائهم من شلال افكار متتالية ممزوجة بالاسئلة وللهموم والشكوك ألم الناس لا يعنيهم كأنه الغيرون ينفخ في الناي منتشيا وهو جالس على قمة تله بينما روما تحترق من تحته يكفيه انه فوق يهوى العلو ولو على ارواحهم .
اصحاب النرجسية كل منهم ضيء محبسه في كرسيه الوثير بريش النعام يعيش بين بين اوهامه حتى الذين حوله يتحولون إلى اشباح مهمتهم إرضاء رئيسهم لكنه لا يأبه لهم لا لغيرهم .
كل منهم يدعي العفة الفساد عند غيره هو غير مضطر إلى فعل شيء لا يسجل على نفسه إنجازا ولو كان مفيدا للناس لديهم اسر لكن نرجسيتهم تحتم عليهم اللعب بالذات مهمتهم العلنية هي السياسة يفضلون عليها النرجسية وشيق السلطة ومن المعلوم ان السلطة مصدر للمال
كل ذلك ولا يزال مفهوم الدولة مشوشا في الوعي السوداني ولدى اطرافه السياسية مالم يتم ترسيخ مؤسسات فاعلة ودائمة يمكنها حماية المكاسب الوطنية وخلق شعور حقيقي بالمواطنة والتأسيس لحكومة مسؤولة تحترم المواطن وتحفظ السيادة لا يمكن الحديث عن مناخ وطني يسمح بنمو المشترك الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي بين افراد المجتمع السوداني دون الحصول على توافق يعبر عن دولة حقيقية نجحت مجتمعاتها الاهلية في بناء مؤسسات تعلو على إنتماءات الفرد المولودة وجميع تمظهرات ما قبل الدولة وتتجاوز حالة العنف والتمرد اي كان اشكاله وتضمن استمرار السلام والاستقرار والتعايش المدني استعدادا للتداول السلمي للسلطة اسقاطا بما لا يدع مجالا للشك فكرة المرجفين في المدينة وسدنة الشمولية والعسكرتاريا والامبريالية العالمية والتحالفات الاقليمية التي فشلت في اجهاض الثورة ابان فض الاعتصام الذين يصرون على ان السودانيين غير مؤهلين للتعايش الديمقراطي ولا يستطيعون التعامل مع مفاهيم الفكر السياسي الحديث وترجمته دستوريا ومؤسساتيا ورغم ان امامهم تجربة تناقض تشكيكهم التاريخي وتسعى بكل ثبات لترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية فانهم يتركونه يعاني ازمة اقتصادية خانقة تتفاقم منذ الاطاحة بالنظام الارهابي الفاشل المنبوذ لدى المجتمع الدولي ويدركون ان تراكم المشاكل الاقتصادية والمالية وانعكاساتها الاجتماعية هي التهديد الحقيقي لاستمرار نجاح المسار الديمقراطي ومع ذلك لا وجود لدعم حقيقي فاعل اقليمي دولي هذا جزء من خيبات العالم الديمقراطي والخطاب السياسي المعلن الذي يدعى مناهضة الطغيان والديكتاتورية ويدعوا للحل الديمقراطي والتجربة السودانية لم تحظ بالمساعدة اللازمة والدفع الاقتصادي وكأن السودان ليس على اجندتهم الذين صفقوا للثورة السودانية وانبهروا لفاعليها وسلميتها وتحدثوا كثيرا عن الاقتداء بالشعب السوداني وثورته واهمية دعم السودان سياسيا واقتصاديا وبقاء السودان على طريق التعايش الديمقراطي وغرس سياسة المواطنة والمجتمع الدولي يواصل خزلانها ولا يدعم ديمقراطية بل يزيد تكبيله عبر وصايا صندوق النقد الدولي واملاءاته المعهودة والجميع يبحث عن سياسة المحاور ويشترط تقديم المساعدات بالتوقيع والتوافق على اجندات تحالفات المحاور والابصام بالعشرة عليها وشق الصف السوداني وهو مسار يمنع تناغم المجتمع والدولة ويعطل السلام والاستقرار وتحقيق العدالة والانسجام ويؤجل الحديث عن دولة تستند في وجودها على ارادة مواطنيها ومشاركتهم الفعلية التي تكفل لمنظومة الحكم التمتع بالشرعية السياسية والقانونية معا ولا يمكن انكار وجود افلاس سياسي لدى الاحزاب والنخب التي تولت الحكم منذ فجر الاستقلال فقد ذهبت بعيدا في المنكافات السياسية والمصالح والولاءات محليا واقليميا ودوليا وراكمت التصادم الحزبي وبحثت عن مصالح فئوية ضيقة وبتعطيلهم مشاريع دساتير توافقي دائم يخدم مصلحة الشعب والوطن والفئات المهمشة فقد انخرطوا في المتاجرة بإلام الناس وإستغلال مأسيهم وإمتصاص دمائهم في ان واحد ولا يروون فيهم سوى خزان انتخابي لاغير .
الذي جعل المرحلة الانتقالية صعبة هي اللعب بالوثيقة الدستورية وتعديلها واختراقها وهي المراهقة السياسية والمخاصصات وإلى الا ليس هناك استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد الذي اصبح جزء من منظومة الحكم الذي استشرى في مؤسسات الدولة واجهزتها كافة ولا اجماع حول الحد من التفاوت الاجتماعي وتباين مستويات التنمية بين الجهات الامر الذي يزيد من منسوب الاحتقان الشعبي والتحركات الاحتجاجية واتساع اشكال المطالب بسبب العبء الذي تركه السياسات الاقتصادية الغير مدروسة التي صعبت الحياة المعيشية بشكل لا يطاق لدى الاسر وتراجع القدرات الشرائية من ابرز العوامل التي تفاقم السخط الشعبي تجاه السلطة الانتقالية الخرقاء التي لم تستطيع الحد من تدهور الجنيه السوداي وارتخاء الدولة وعجزها عن مجابهة ظاهرة التهريب والسوق الموازية وسوء التسيير حيث تشتت الدولة مواطنيها داخل اوطانهم فلا بد من حلول للخروج من حالة الشتات وإلا ستنفلت الامور وتتجدد الثورات ولكنها قد تندفع بعنف مضاعف نتيجة تراكم منسوب الغضب والخيبة التي سببها الحكومة الانتقالية بسبب ضعفها فالشرارة التي يمكن ان تكون سببا في اندلاع الثورة غير المتوقع هو تماهي الحكومة عكس ارادة الثورة إن لم يستطيع اي مراقب للاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ان يعلم بالضبط متى واين ستحدث ذلك يجد في التحول الكبير في الشعور العام في الشارع تتضح من خلال معارضته عن سخط سياسي واقتصادي مكشوف قدرة الحكومة الانتقالية على النهوض بدور وطني توحيدي مرتبط بقدرتها على تلبية مطالب الثورة والثوار في تحقيق حرية سلام وعدالة ، حياة كريمة وتامين شرعية الحكم بتاسيس مؤسسات الدولة الدستورية والقصاص للشهداء وفق المداخل السياسية والعدلية والمرئية الفعلية التي تضمن الحوار المجتمعي السياسي الذي يريد الشعب أقامته والتمسك به والدفاع عن فكرته وهي تقتضي الدفاع عن السيادة الوطنية ورفض جميع اشكال التدخل الاجنبي وعلى الاحزاب السياسية والحركات التي ارتهنت للخارج ان تعيد حساباتها وان لا تندمج مع رغبة القوى الاجنبية التي ترى من الخطر ان يتحرك السودان صوب استقلالية لها معنى أو ان تعبر السياسات عن الرأي العام وتطلعات الشعب والتغيرات الحاصلة في بنيات المجتمع تقتضي تجاوب الحكومة مع الثوار قالثورة تعني القطع مع طرق التعامل القديمة لا مواصلة حشد الناس وتسييرهم وفق وعي الراعي مع قطيعه من الواجب الوطني ان تكون الانتقالية في مستوى الرهانات وعلى وعي بحجم التحديات التي تتطلبها المرحلة والانتقال الديمقراطي مسؤولية وطنية وليست مخاصصات سياسية .
فشل الانتقالية في ايقاف التدهور الاقتصادي والمالي يساهم في استفحال الفساد وكرس البؤس الاجتماعي لدى فئات واسعة وسوء التبديد هي اضاعة للوقت ولا مقايسة على الدولة التي يسندها الثوار ولا اخلاقية سياسية للحكم خارج اطار المشروعية التي يمنحها الشعب وبإمكانه سحبها والشعب فيها هو مصدر السلطة عمليا لا نظريا هذا في الذكرى الثانية لعنفوان ثورة ديسمبر المجيد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى