مقالات

محمد الشمباتي يكتب .. إضطراب طيف التوحد (3)

الشمباتي

أشرت في مقالي السابق أن تشخيص إضطراب طيف التوحد يتطلب وجود خصائص نمائية وسلوكية تظهر قبل سن الثالثة ، ويظهر فيها الأطفال المصابون عجزا مستمرا في مهارات التواصل الإجتماعي ومهارات التفاعل الإجتماعي وفي السلوكيات النمطية .

ونجد أنه وفقا لتقرير إحصائيات إضطراب طيف التوحد من مراكز السيطرة علي الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة الصادر في مارس 2014م أن من بين (68) طفلا يوجد طفل مصاب بالإضطراب وأرجع التقرير الزيادة إلي تطور وسائل التشخيص ، أظهرت الدراسات أيضا أن هذا الإضطراب أكثر شيوعا بين الأولاد من البنات بنسبة أربعة إلي خمسة مرات ، حيث يقدر أن (1) من بين (42) من الأولاد يوجد طفل مصاب ، بينما (1) من بين (198) توجد طفلة مصابة بإضطراب طيف التوحد . وفي الولايات المتحدة يؤثر إضطراب طيف التوحد علي أكثر من (2) مليون طفل وعشرات الملايين حول العالم ، وبينت الدراسات أن معدلات إنتشاره في السنوات الأخيرة قد زادت من 10% إلي 17% ، ولا يوجد تفسير مؤكد لهذه الزيادة المستمرة بالرغم من أن التشخيصات المتقدمة والتأثيرات البيئية هما سببان غالبا ما يؤخذان بعين الإعتبار وهذا يقودنا مباشرة إلي أسباب إضطراب طيف التوحد .!

منذ وقت ليس بالبعيد كان الجواب عن سؤال الأسباب التي تؤدي أو أدت للإصابة بالإضطراب هو :

ليس لدينا أدني فكرة .! ولكن الأبحاث الآن تقدم الإجابة عن هذا السؤال . وباديء ذي بدء وقبل كل شيء علينا أن نعلم أنه لا يوجد سبب واحد تماما كما لا يوجد نوع واحد من إضطراب طيف التوحد . وعلي مدي السنوات الماضية حدد العلماء عددا من التغيرات الجينية والطفرات النادرة المرتبطة بإضطراب طيف التوحد حيث حددت البحوث أكثر من 100 (جين) له علاقة به ففي حوالي 15% من الحالات تم تحديد سبب وراثي محدد لأضطراب طيف التوحد ومع ذلك فإن معظم الحالات تحتوي علي مجموعة معقدة ومتغيرة من العوامل الجينية التي تؤثر علي نماء الدماغ في وقت مبكر من عمر الطفل المصاب . كما توجد عوامل بيئية تزيد من نسبة إحتمال حدوثه كالأحداث في فترة الولادة وفترة ما قبل الولادة ، وصحة الأم أثناء فترة الحمل ، والولادة المبكرة ، وإنخفاض الوزن الشديد عند الولادة ، وصعوبات الحمل التي تتضمن إنخفاض مستوي الأكسجين الحاد والذي يؤثر علي المخ ، كما أن تعرض الأم للمبيدات الحشرية والتلوث البيئي بشكل كبير قد يزيد من إحتمالية أصابة الطفل بإضطراب طيف التوحد .

ويجدر هنا ذكر أن هذه العوامل بحد ذاتها لا تؤدي للإصابة لكنها تؤثر في وجود العوامل الجينية .

ورغم أن أسباب إضطراب طيف التوحد معقدة إلا أنه من الواضح تماما أنه لا ينتج عن سوء التربية كما أعتقد العالم Leo Kenner (1943) الذي وصف إضطراب طيف التوحد علي أنه حالة فريدة وأعتقد خاطئا أن السبب هو الأم الباردة عاطفيا وغير المحبة . لكن Brunno Bettelheim أعتقد أن ترسيخ تفسير Kenner خلق جيل من أولياء الأمور حملوا معهم عبئا لا يطاق من الشعور بالذنب لشيء لم يرتكبوه ، وساعد الدكتور Bernard Rimland الذي أسس جمعية معهد بحوث إضطراب طيف التوحد ساعد المجتمع الطبي علي فهم أن إضطراب طيف التوحد هو إضطراب بيولوجي ولا ينجم عن الوالدين الباردين عاطفيا .

يتبع …..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى