صحة وعافيةمقالات وخواطر

إعاقة النمو في السودان في النظام العالمي الجديد

مشاكل التنمية التي أعاقت النمو في العالم النامي في ظل النظام العالمي مو الجديد

 

أ. د. عزيزة سليمان علي
استشاري الطب الباطني القلب وطب الشيخوخه

مشاكل التنمية التي أعاقت النمو في العالم النامي في ظل النظام العالمي  الجديد .

في عالمنا النامي كشفت سلبيات وعيوب عديدة لم تكن في الحسبان، واتسعت الفجوات العلمية والتكنولوجية، ومن ثم الاقتصادية والاجتماعية بين العالم النامي والغرب في الأصولية والحداثة.
إن السودان من الدول النامية الغائبة تماما عن الإحساس باهمية التقدم في مجال الرعاية المجتمعية و أثر التعليم و الثقافة في رفع المستويات الفكرية والمعرفية، وكذلك البحث العلمي ودوره في تحسين وسائل الرعاية.
في العالم المتقدم حدثت تغيرات سكانية وتوقفت الزيادة وتغير النمط السكاني..
تحقيق النظام العالمي الجديد والعولمة. اختلاط الحضارات واللغات و تقارب الأديان والعقائد.
الظواهر في العالم المتقدم هي تعليم مجود انفجار معرفي غير مسبوق، تطور تكنولوجي متزايد السرعة مع اقتحام عصر المعلومات وثورتها، نبذ العنصرية، الدعوة لحقوق الإنسان والمرأة والطفل و تقدم الإعلام و النظم الديمقراطية.
في العالم الثالث بطء في دينامية تطوير التعليم، صعوبة التكيف والتمسك بثقافة التخلف، انتهاكات حقوق الإنسان، ضعف الأداء الإعلامي الإرشادي، المغالاة في الترفيه والاستهلاك والأمية والفقر.
إن العالم المتقدم لم يكتف بجذب الدول النامية للموافقة على متطلبات العولمة، ومحاولات نشر المبادئ الغربية على أنها الطريق الأمثل للتقدم والتطور إلى الديمقراطية والحرية المنشودة، إلا أنه استغل العولمة للقيام بمغامرات عسكرية أو التهديد بها، ولم يكتف بالغزو الفكري والاستهلاكي وحدهما، بل استغل ضعف تلك الدول بالغزو العسكري الموجه للاستيلاء على الأصول والموارد المتاحة، من بترول وخامات وغيرهما، مما أدى إلى تعطيل فرص التقدم واتساع الفجوة وضعف الأمل في إحداث التغيير المنشود.
إن السودان مثله كمثل العالم الثالث، يقاسي من الواقع المرئي على الساحة العالمية، في التفاوت في تعداد السكان ونصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي، ونصيب الفرد في الخدمات (الصحية)، يختلف اختلافا بينا وبين الدول المصدرة والدول المتقدمة حيث يتفاوت الدخل بنسب عالية جدا مما أثر على مؤشرات التنمية.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والدول الشرقية ظهرت علامات الغرور والتسلط والاستبداد على الساحة الدولية في لغة الخطاب السياسي الغربي، وذلك:
• للتأكيد على التدخل في الشؤون الداخلية للدول بحجة حماية حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.
• مخاطبة أهل القدرة واستبعاد أهل العجز والتخلف، وتركهم لحالهم دون أمل.
• الالتزام بقوانين منظمة التجارة العالمية وتوابعها، وما يكتنفها من عقبات.
• كذلك ابتدعوا ظاهرة الفوضى البناءة التي ابتليت بها دول ضاع فيها الحق والعدل والاستقرار.
العولمة زادت الدول الفقيرة فقرا، خاصة الدول كثيفة السكان قليلة المصادر حيث اهتز مستوى الخدمات وقلت دخول الأفراد، وزاد الازدحام في المدن وانتشرت العشوائيات.
والسودان اتجه إلى منظومة الاقتصاد الحر بعد الموافقة على اتفاقية منظمة التجارة العالمية وتشريعاتها، وتخلت الدولة عن ضبط الأسعار وتوفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة، في مجتمعات لم يتغير فيها دخل الفرد كثيرا، وتحولت الدولة من دولة زراعية إلى دولة داعية للاستثمار الداخلي والخارجي، عندما انطلقت رؤوس الأموال المعتمدة على تشجيع منظومة البنوك للإقراض، فظهرت آفة تهريب الأموال المقترضة للخارج، مما أحدث هزة عنيفة للاقتصاد القومي ولم تمنع الدولة أو توقف هذه الممارسات .. أدى الانفتاح الاقتصادي وعمليات الخصخصة إلى ظهور مخاطر الجشع الاقتصادي للمستثمرين، مع التغاضي عن قيمة الحق الاجتماعي في رؤوس الأموال الناجحة.
فشل القطاع العام، وفتح بعض الفرص للتشغيل، وقام باستغلال حق الاستفادة من رخص أسعار الأراضي، والدعم الموجه للمواد الأساسية والطاقة، ورخص تكاليف العمالة نتيجة الأجور المتدنية، حدث ذلك مع تخلي الدولة عن ضبط الأسعار، وعن تعزيز شبكات الضمان الاجتماعي لمواجهة تدني دخل الفئات الفقيرة ، وضعفت فرص المشاركة الشعبية، وحسن توزيع الثروة التي احتكرتها فئة محدودة من أصحاب رؤوس الأموال، ولكن كان من الأهمية بمكان التركيز للحفاظ على الثروة القومية في أيدي المواطنين، والانفتاح مع حرية رأس المال في إطار ضوابط تشريعية، مع ضبط الأسعار والسيطرة على التوجه الاستهلاكي غير المطلوب؛ حتى لا توصم الدولة بالمتخلية عن الفئات المطحونة.
وأكد الشعب السوداني ان التغيير والإصلاح السياسي، لتحقيق الحرية والديمقراطية والعدل هما أول سبيل للتقدم، ومكافحة الفساد المالي و السياسي.
ومع انطلاق الأسعار في تزايد مستمر، خاصة في أساسيات الحياة، من غذاء وصحة وثقافة ومسكن وخدمات، بدأت الظواهر السلبية تتأكد باتساع الفجوة التنموية وتزايدت البطالة والفقر وتدهور التعليم، وارتفعت أسعار الغذاء خاصة البروتينات، وتفاقمت الحالة الصحية، وواكب ذلك التنازل في حقوق الإنسان التعليمية والصحية والاجتماعية.ونتج عن ذلك تزايد الفقر بنسبة ليست ضئيلة، وكان نتيجة ذلك أن ولد الفقر عنفا، ومع تقهقر التعليم وضعف مستوى الخريجين مما انتهى إلى زيادة البطالة.
وتأثر الشعب السوداني وارتفاع المواد الغذائية مع ارتفاع أسعار الدواء، وإحجام المرضى عن العلاج لغلو ثمنه، عندها تضافرت كل هذه الظروف مجتمعة، فزاد تدهور الحالة الصحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى