أعمدة رأي

الخريطة الجينية في التشخيص والتطبيب

د. عزيزة سليمان علي [*]

الخريطة الجينية البشرية إنجاز علمي عالمي، باكتشاف خريطة الجينوم الوراثية، وهذا مشروع الجينوم العالمي للصفات  والمزايا الوراثية للإنسان. ولقد أكدت الأبحاث الوراثية، أن هناك اختلافاً في الجينات المسببة للأمراض بين الشعوب والقوميات، مما جعل مراكز الأبحاث الأجنبية، تركز على إيجاد علاجات وأدوية مخصصة لشعوبها حسب معلوماتهم الوراثية، والتي قد لا تستجيب لها بشكلٍ كافٍ في قوميات أخرى.

نسبة لجدية هذه التباينات الوراثية بين الشعوب وتأثيرها على الطب الحديث، تم إطلاق مشروع دولي ضخم لوضع خرائط الجينوم من شعوبٍ مختلفة، لدراسة تأثير الاختلافات الوراثية بينهم على انتشار الأمراض. إلا أن أهم الاجراءات سيكون في صناعة الدواء الشخصي، من خلال تقنية تحديد الأشكال الجينية المختلفة للأفراد من خلال تحليل جيناتهم وبالتالي تصميم دواء يكون مناسبا لمثل هؤلاء المرضى.

ويعتقد أن هذه التقنية سوف تساهم في تفسير انتشار بعض امراض الشيخوخة وهي تشكل لبنة رئيسية في دراسة الطب الشخصي المبني على علاج المرضى بناء على صفاتهم وخصائصهم الوراثية، ويتجاوز المشروع أهدافه العلمية والطبية إلى توفير المعلومات الجينية للمجتمع الطبي للاستفادة منها في تكييف العلاج ليناسب المريض فيما يسمى بالعلاج الشخصي.

يقوم المشروع على فك شفرة الجينات (ما يقرب من 30000 جين بشري مختلف) من حيث تحديد أماكنها وترتيب النيكلوتيدات المكونة لها، وتخزين تلك المعلومات في قواعد البيانات. وقد شارك في هذا المشروع أكثر من 18 دولة واستمر المشروع من سنة 1990 إلى سنة 2003. ولنا أن نتصور أن حجم المعلومات الوراثية يتطلب من الفرد حوالي 9 سنوات ونصف لقراءته. ولذلك يعتبر هذا المشروع بمثابة خريطة تمكن العلماء من البحث عن الجينات ومعرفة كافة المعلومات عنها.

فالعلاج بالجينات هو استعاضة  الجينات المسببة للمرض بأخرى سليمة لعلاج ذلك المرض, أو إدخال جينات سليمة تحمل معلومات وراثية مرغوب فيها إلى داخل الخلية ولذلك يعتبر الجين في هذه الحالة كعقار. ويأتي العلاج بالجينات احتمالية تزويد جسم الإنسان نفسه بالقدرة على تخليق بعض المواد (الأدوية) وفي الوقت المناسب أيضاً، مع إمكانية ديمومة  العلاج مدى الحياة.

يتم العلاج بالجينات عن طريق إيقاف عمل الجين التالف أو إدخال نسخة سليمة من الجين. إيقاف عمل الجين التالف بإدخال قطع من الـ(DNA) لا تحمل أي معلومات وراثية لتتحد مع الجين التالف وتمنع عملية إنتاج البروتين.ايضا يتم العلاج بإدخال نسخة سليمة من الجين

وفيه يتم إدخال نسخة سليمة من الجين المراد التعبير عنه والذي بدوره سوف يعالج المرض حتى في حالة وجود النسخة التالفة من الجين. ويوجد طريقتان لإدخال نسخة سليمة من الجين إما أن تتم عملية الإدخال خارج الجسم أو داخل الجسم.

ينبغي توفير تلك التقنية المذهلة لخدمة البشرية مع وجود ضوابط كي لا تضر بالبشرية عن طريق الاستخدام الخاطئ لأنها سلاح ذو حدين. فيجب أن تستخدم لعلاج العيوب والأمراض الوراثية فقط وليس لتطوير الخصائص الطبيعية للإنسان أو استخدامها في الحروب. كما يجب استخدام العلاج بالجينات على مستوى الخلايا الجسدية  والخلايا الجذعية فقط وليس الخلايا التناسلية لأن أي خطأ فيها سوف يتحمله جيل كامل. كما يجب الحذر عند التعامل مع ال (DNA) لأنه مايسترو الحياة.

[*] استشاري الطب الباطني القلب وطب الشيخوخة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عجبني المقال جدًا واستمتعت نتمنى نشوف دائما المزيد من المقالات والصحف عن الطب والمواضيع المثيره المميزه بالتوفيق ي دكتوره اجمل مقال الى الان 👍🏻

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى