أعمدة رأي

الراحل محمد عبد الرازق الرفقة الصالحة أثرها عظيم ويعيش أهلها في نعيم ولكن فراقها أليم

بسم الله الرحمن الرحيم
دفتر أحوال عالق 18
الفقيد الراحل محمد عبد الرازق محمد مختار
الرفقة الصالحة أثرها عظيم ويعيش أهلها في نعيم ولكن فراقها أليم
دفتر الأحوال لا بد أن يسجل تأريخ الرجال الذين كان لهم دوراً في مسيرة الزكاة ولقد ذكرت في بعض المحطات الفقيد الراحل الدكتور محمد عبد الرازق
ولم أكن أتوقع أن أكتب عنه وفد وري في التراب وفارق الاحباب لم أكن أتوقع أن أكتب عنه وقد فارق الدنيا كلها وارتحل عن بهرجها وذهب إلى الآخرة حيث لا صلة إلا الدعاء بالمغفرة اللهم ارحمه واغفر له واسكنه فسيح جناتك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
والآن ماذا أكتب ولم يكن علي شهيد فقد كان هو الشهيد
هل أكتب عن خلقه فقد كان خلقه التواضع أم أكتب عن علمه وقد كان بحره ليس له محيط وقد كان مداده فريد وعطائه مديد هل أكتب عن طيبته وحسن عشرته وسلامة صدره وقوة حجته وروعة صحبته
هل أكتب عن سمته وأناقته وبهاء طلعته ونضارة وجهه وحلاوة بسمته
هل أكتب عن حسن ادبه ولطافة لفظه ورهافة شعوره ودقة احساسه
هل يستطيع القلم فى دفتر الأحوال أن يوفي الفقيد حقه حتي لو كان مداده البحر واقلامه الشجر
هل أكتب عن محاسنه التي يعرفها كل العاملين وليست سبيلا للعد والحساب فقد كان لا يذكر الفقيد إلا بها ولا يعرف إلا من خلالها فهي شخصيته وعنوانه واسمه وبنيانه
فإن ذكرتها قال الجميع صدقت فهو هو
كيف وقد شملهم لطفه وادهشهم تواضعه واخجلهم تعامله وادركهم لينه فما من أحد التقي به إلا وجد بحراً من الجود وساحلاً من التواضع ترتاح في رحابه وتتمسح بترابه وتستمتع بنسيمه ويسرك منظره
لا يسلم عليك إلا باسمك دون إعتبار لدرجتك أو وظيفتك بل لا يسلم عليك قاعدا إلا نادراً وتجده هاشاً باشاً مهما كان موقفه
لم اري في حياتي كلها رجلاً جمع بين الشدة واللين كما جمع هو
تراه في تواضعه رجلاً جمع الفضائل كلها أدبا وذوقاً ولطفاً واحتراماً وكرماً
ومن حسن أدبه ولطافة ذوقه تظن أنه لين العريكه ولا يستطيع أن يخوض معركة ولا يحدث حركة ولكن ان عاشرته واقتربت منه تري انك أمام أسد صارم الملامح شديد الزير
قوي الشكيمة وصاحب عزيمة كلما تجملت أمامه انفضحت وكلما أخفيت أعلنت من شدة متابعته ودقه أسئلته وقوة فراسته وان كان للحكمة باباً فهو بابها وسدنتها فقد كان يكظم غيظه ويحكم قراره ويحفظ توازنه ويراعي خالقه
كان يعرف الأصول ويحسن التواصل يتداخل مع العاملين يتفقد أسرهم ويحفظ سرهم ويعود مريضهم ويعرف قدرهم
لم تراه متطاولاً ولا فخوراً ولا يمشي على الارض مرحاً
لا تسمعه صاخباً ولا فاحشاً بل كان خافض الصوت لا تكاد تسمعه رقيق الكلام تكاد تحسبه
عندما تقترب منه توقره وعندما يتكلم تحترمه ولكن عندما يقرر تهابه وتخشي جنابه
لم يكن يوماً في موقف ضعف تستغله ولا موقف قسوة تلعنه بل كان متوازناً في موضع الشدة واللين واللطف والقوة
كلما اقتربت منه تهابه فهو صعب المراس رغم رهافة الاحساس
لا يمكن أن تحتال عليه أو تغل يديه فهو حر في قراره معتز بمقداره حارق شراره
رغم ذلك كان حريصاً ان لا يخرج أحدا ولا يضيق علي مذنبا بل كان متسامحا
كان أباً للجميع شامخاً كالطود مشرفاً للديوان لن تراه في موقف شبهة ولا موطن زلة ولكنه كان دائماً عفيفا تقياً ورعاً نظيفاً
كان عليه الرحمة صاحب طرفة يحب المداعبة سريع البديهة حاضر النكته
وقفنا ذات يوم في بهو الديوان عند لوحة حوت صوراً وخبراً وكان معنا الاخ ايمن جبكول فطفق الفقيد يمدح شخصاً وأن هذا العمل من صنعه فغضب الأخ أيمن وصحح المعلومة ولكن الفقيد كان مصراً وعندما لمس أيمن ذلك استسلم وقال الخيل تجقلب والشكر لي حماد فالتفت إليه الفقيد وقال حماد هذا سوف نحفزه بدورة خارج السودان
ومن سرعة بديهته قلت له ان ديوان المراجع العام يتخير لنا أفضل العاملين حتي في إختيار الأسماء وذكرت له جميله وووو
فقال ضاحكاً وكمان اسي جابو لينا بديعة
كان يملك طاقة كبيرة في المتابعة والدقة ولا يؤجل عمل اليوم لغد
كان يكتب عند التعليق على الخطابات نظر ويكتب التاريخ والزمن بكتب نظر بتاريخ كذا الساعة الثانية صباحاً
كنت أقف إلي جواره عند دفن والدته جوار والده رغم أنها توفيت بعده بسنوات
فكاننى أحسست أنه يريد أن يقول يا ليتني أدفن بجوارهم وكأنه قالها ففد شعرت بها رطباً بها لسانه لانه كان بارا بهما
ولكن لا تدري نفس باي أرض تموت فقد دفن بعبداً عنهما ولكن أرواح الصالحين تلتقي كل يوم وهي في حواصل طير خضر وقد عرفت هذا البر وياله من لقاء بين الوالد ووالديه
أنت الآن معهما أخي محمد تتجازب أطراف الحديث وتحدثهم عن جور الزمان وظلم الإنسان
لقد ارتاح جسدك المنهك وتوقف قلبك المرهف وصعدت روحك الطاهرة إلي رب غفور رحيم
سيظل عملك موصولاً يشهد به كل من ساعدته ونفثت كربته او عالجته
سيظل ذكرك الطيب في سجل الديوان ودفاتر الأحوال عبر كل الأجيال
سنظل نذكرك وأنت في قبرك ولن يفارق وجهك الباسم عيوننا
فكيف ننسى رجلاً دخل بيوتنا وتعرف على أهلنا وشاركنا أحزاننا وفرح عند افراحنا
كيف ننسى من كان يكرمنا ويجلنا ولم يجرحنا بكلمة أو همزة أو لمزة
رحلت أخي محمد في صمت بعيداً عن الأضواء وقد استقبلتك ملائكة السماء
في ناوا نويت وقبرت وودعت
كان املنا ان نحمل نعشك وان نسير في جنازتك وان نواري في الثري جسدك كان املنا ان نكون ضمن المصلين عليك وان نراك للمرة الأخيرة وأنت تتوسد التراب لعل النظرة تعزينا
كانت ناوا هي مستقرك الاخير
سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا
انا لله وانا اليه راجعون
اللهم ارحم عبدك الفقير اليك محمد عبد الرازق فقد نزل عندك
اللهم أكرم وفادته وتجاوزت عن هفواته واغفر ذنوبه وتجاوز عن عيوبه
اللهم أجعل قبره روضه من رياض الجنه
اجعل البركة في أهله واجعله في سدر مخضوض وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة
ولا حول ولا قوه الا بالله
ممدوح حسن عبدالرحيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى