مقالات وخواطر

المشردين فئة ضعيفة فرضت عليها الحياة واقعاً اليماً

كتب:مجاهد نصرالدين
تكثر أسباب ظاهرة التشرد منها الإجتماعية والإقتصادية فبعض الناس يرونهم بثوراً على واجهات المدن، ولكن يجب ان يعي الجميع ان المشرد هو ليس كل من يفتقد إلى مأوى، بل إن بعضهم يرتمي في أحضان التشرد باختياره بدلاً من العيش في جحيم حياة لا تعجبه ولا يتحمل أوزارها.
يقودنا ذلك للاننظر للمشردين بسخرية لان منهم من هو جدير بتأمل معاناته في الحياة، ومنهم من ارتضى فقر التشرد على غنى الحياة التي لا تروق له ، لذا اكتشف كثيراً أن بعض المشردين يتمتعون بأخلاقاً حميدة رغم ان الحياة فرضت لهم واقعاً جعلتهم يعيشون ﻓﻲ الطرقات ﻭﺍﺣﻀﺎﻥ الجسور ﻭﺍﻷﺯﻗﺔ ﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎلأﻭﺳﺨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﺧﻒ ﺍﺗﺴﺎخاً ﻣﻦ بعض النفوس ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻠﻮﺛﺔ ﺑﺎﻟﺤﻘﺪ والأنانية …
ﺍﻧﻬﻢ ﺻﻐﺎﺭﺍً ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺷﻲﺀ ﺍﻹ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﺘﻮﺍﻫﻢ بكل سعة ورحبة ومن منا اكرم من الطرقات ؟ يدفعون ثمناً لا ذنب لهم فيه .
يسلكون طريقاً ﻣﺮﻏﻤﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺭﻏﻢ ﺍﻧﻬﻢ ﺧﺮﺟﻮﺍ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﻫﺬا الأمة ﺍلتي تدعي ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭهو في الحقيقة كل لحظة تموت إحدى رموز جمالها لتجدها هذه الاجيال متلبدة بثياب الإنسانية والأخلاق وهي في الأصل بلا أخلاق ولا قيم .. ﻧﺠﺪﻫﻢ يتسولون ﻭﻟﻢ يجدوا كياناً يضمهم ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻻ ﺍلطريق ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﺤﻘﻖ ﻟﻬﻢ ﻃﻤﻮﺣﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﺼﻮﺭ ﻓﻲ ﻟﻘﻤﺔ ﻳﺄﻛﻠﻮﻧﻬﺎ ﻭﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، ﻓﺎﻗﺪﻳﻦ ﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻹﻣﻮﻣﺔ والأبوة ﺇﺫ ﺍﻥ ﺍﻣﻬﻢ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻫﻲ الطرقات ﺍﻟﺘﻲ نشئوا فيها يعيشون ﻣﺠﺒﺮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻣﺴﻜﻦ ﻭﻻ ﻓﺮﺍﺵ ﻭﻻ ﺣﻴﺎﺓ ﻛﺎﻟﺤﻴﺎﺓ .
ﻭﺗﻈﻞ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﺗﺒﺎﺩﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺗﻔﺘﻘﺪﻫﻢ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﻢ ﻟﻴﻼ ﻟﺌﻼ ﺗﺴﺘﺮﺡ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ ﺿﺠﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻌﻤﻮﻥ بالرفاهية ، ظلوا ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﺘﺒﺮﺋﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﺮﻡ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻳﺆﻛﺪﻭﻥ ﻻﺣﻘﻮﻕ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻛﻤﺎ يزعم ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻭﺇﻧﻤﺎ هي مجرد ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ وﺇﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﻭﻣﻈﺎﻫﺮ.. يتسائلون لما الحياة تقسى عليهم !؟ ولكن لا احد يجيب عليهم ﺍﺻﺒﺤﻮﺍ ﻏﻴﺮ ﺍﺑﻬﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﻭﺩﺓ ﻭﻻ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺤﺎﺭﻗﺔ تغيرت كل تفاصيل حياتهم ان نظروا إلي مرأة لما تمكنوا من معرفة وجوههم ﺗﺠﻤﺪﺕ ﻛﻞ حواسهم ﺍﺧﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﺗﻴﻦ ﺷﻴﺌﺎً ﻳﻈﻠﻬﻢ ﺍﻟﻜﺮﺍﺗﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﻄﺘﻬﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﻻﺕ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻫﺒﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﻀﺎﻣﻨﺎً ﻣﻌﻬﻢ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻜﺌﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎﻋﺪﺍ ابن “ادم ” لا يعيرهم ﻭﻻ ﺑﺬﺭﺓ ﺇﻫﺘﻤﺎﻣﺂ ﺑﻞ ﻳﺮﺍﻫﻢ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ حتى ﺍﻛﻞ ﻣﺘﺒﻘﻲ ﻃﻌﺎﻣﻪ الذي يأبى ان يجود لهم به ولكنه مستعد ان يرمي به في سلات القمامة .. ﺍﻧﻬﻢ ﻻ ﺫﻧﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺎﺭﻳﻦ ﻫﺎﺭﺑﻴﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻣﻼﺫ لهم ﺇﻻ ﺍﻻﻧﻄﻮﺍﺀ على ﺍﻱ ﺍﺭﺽ ﺑﺎﻏﺘﻬﻢ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻓﻴﻬﺎ.
هم ﺍﺣﺒﻮﺍ ﻛﻞ ﺍﻷماكن ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻫﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﺔ
“يا ايها الناس ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى