تقارير

صحيفة لوموند الفرنسية: من السودان إلى مالي.. هكذا تنشر روسيا مرتزقتها في إفريقيا

مرتزق من مجموعة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى

أصبحت شركة الأمن الخاصة الروسية فاغنر، التي يديرها صديق مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأداة الرئيسية لإعادة نشاط موسكو في القارة الإفريقية، على خلفية التنافس والتوتر مع الغرب. وذكرت الصحيفة أن وصول المدربين والقوات شبه العسكرية الروسية من شركة الأمن الخاصة فاغنر، بالقرب من الكرملين، في مالي، في نهاية عام 2021 ، يثير أسئلة كثيرة من جانب أوروبا والولايات المتحدة حول مخططات موسكو في إفريقيا. من خلال تسارع وتيرة توقيع الاتفاقيات العسكرية مع بعض بلدانها، إلى جانب أنشطة مجموعة فاغنر، مشيرة إلى أن روسيا تمكنت من التدخل في العديد من البلدان الإفريقية مثل مالي وليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق.

ذكرت الصحيفة عبر تحقيق مطول أعده 6 من مراسليها عبر العالم- أن هذا التضارب الناشئ عن النشر “الحقيقي أو المفترض” لمرتزقة لا يثير في الحقيقة استياء موسكو، بل تستثمره دعائياً لعكس قوة نفوذها في أفريقيا، وتتكفل الآلة الدعائية التي يسيطر عليها يفغيني بريغوجين – رجل الأعمال المقرب من بوتين والمعروف أنه مؤسس فاغنر- بخلق أو تضخيم الشائعات حول وجود المليشيات الروسية في القارة. وهو الأمر الذي يثبته حسب “لوموند” بشكل جيد انقلاب بوركينا فاسو الأخير في 24 يناير/كانون الثاني 2022، حيث إنه بالرغم من عدم ثبوت تورط الكرملين فيما جرى حتى هذه اللحظة، فإن بريغوجين أشاد على الفور بالانقلاب معتبرا أنه وقع في “حقبة جديدة من إنهاء الاستعمار”، بينما عرض ألكسندر إيفانوف -وهو أحد المقربين منه- ما وصفها بخدمات “المدربين الروس” للجيش البوركينابي الذي قاد الانقلاب.

ووفق معطيات الصحيفة، فإنه بعد مرور 30 عاما من فك الارتباط مع أفريقيا في أعقاب تفكك الاتحاد السوفياتي، دشنت روسيا منذ سنة 2017 “ملحمتها الكبرى” للعودة إلى القارة السمراء عبر السودان، حين قرر الرئيس المخلوع عمر البشير -الذي استُهدف بمذكرتي توقيف لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية من المحكمة الجنائية الدولية في 2010، وحكم بلا منازع بلدا على حافة الهاوية منبوذا من المجتمع الدولي- أن يحول اهتمامه صوب موسكو. إذ اتخذ هذا التعاون في البداية صبغة أمنية من خلال تسليم أسلحة وتدريب القوات السودانية، لكنه سرعان ما ترافق مع امتيازات للتنقيب عن الذهب منحتها الخرطوم لشركة “إم إيفنست (M Invest)”، وهي شركة مرتبطة ببريغوجين قائد مرتزقة فاغنر، وتعتمد على فرع محلي لها في السودان يدعى “مروي غولد”.

وحسب “لوموند” فقد تم توظيف رئيس الدولة عمر البشير شخصيا لخدمة سياسة موسكو في الشرق الأوسط، حيث أصبح هذا الأخير -بعد أن أدان ممارسات نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي نجا من الكارثة بفضل تدخل القوات الجوية الروسية عام 2015- أول زعيم عربي يقوم بزيارة رسمية لدمشق في ديسمبر/كانون الأول 2018. وقد سهّل هذا الإرساء لدعائم مرتزقة فاغنر في السودان -بحسب لوموند- الامتداد الروسي وفق منطق الاستمرارية الجغرافية نحو جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة ودول أفريقية أخرى، حيث دشنت موسكو فعليا دخولها لهذه الجمهورية من الخرطوم على متن طائرة نقل عسكرية من طراز “إليوشن 76” في 26 يناير/كانون الثاني 2018. وكان على متن هذه الطائرة التي حطت على مدرج مطار بانغي واستقبلها عدد محدود من العملاء الروس لم يكترث لهم أحد حينئذ، أسلحة خفيفة موجهة لكتيبتين في جيش أفريقيا الوسطى، كما حط أيضا مدربون روس لأغراض التدريب غير بعيد عن العاصمة بانغي في قصر بيرينغو، القصر المهجور لإمبراطور إفريقيا الوسطى الراحل بوكاسا الأول.

مونت كارلو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى