تقارير

عمالة الأطفال.. العالم يغمض عينيه على الأرقام المفزعة

الوباء يكتب الشقاء على جباه الملايين من القصر بالانخراط في العمل

في سن الدراسة واللعب

لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في عائلات فقيرة، الملايين من الأطفال تجبرهم الظروف على ترك الدراسة واللعب للتوجه إلى أعمال شاقة وهم في مقتبل العمر، وقد ترتفع أعدادهم بسبب تفشي وباء كورونا وغياب إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية الضرورية لهم.

أعلنت الأمم المتحدة الخميس أنّ عدد الأطفال العاملين في العالم ارتفع للمرة الأولى منذ عقدين، محذّرة من أنّ ملايين آخرين معرّضين لخطر العمل بسبب تداعيات جائحة كورونا. وقالت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتّحدة للطفولة (يونيسف) في تقرير مشترك، إنّه حتى مطلع العام 2020 “ارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم إلى 160 مليون طفل، بزيادة 8.4 مليون طفل في السنوات الأربع الماضية”.

تحتل أفريقيا المرتبة الأولى في ما يتصل بعدد الأطفال الملتحقين بالعمل، حيث يصل عددهم إلى 72 مليون طفل. وتحتل منطقة آسيا والمحيط الهادئ المرتبة الثانية حيث يصل العدد إلى 62 مليون طفل. وبالتالي، يوجد في مناطق أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ معا ما يصل إلى تسعة من كل عشرة أطفال مصنفين

ضمن ظاهرة عمالة الأطفال. بينما يتوزع العدد المتبقي بين الأميركتين (11 مليون) وأوروبا وآسيا الوسطى (6 ملايين) والدول العربية (مليون). وتشير الأرقام إلى أن 5 في المئة من الأطفال في الأميركيتين ملتحقين بأعمال، وتصل نسبتهم إلى 4 في المئة في أوروبا وآسيا الوسطى، و 3 في المئة في الدول العربية.

في سن الدراسة واللعب

يأتي إصدار تقرير “عمالة الأطفال، التقديرات العالمية لعام 2020، الاتجاهات والطريق إلى الأمام” قبل اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الذي يتم إحياؤه في 12 يونيو من كل عام. وحذّر التقرير من أنّ “تسعة ملايين طفل إضافي في العالم معرّضون لخطر الاضطرار إلى العمل بحلول نهاية عام 2022 بسبب الجائحة”، في حين “قد يرتفع هذا الرقم إلى 46 مليونا إذا لم تتوفّر لهم إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية الضرورية”. ولفت التقرير إلى أنّ “الصدمات الاقتصادية الإضافية وإغلاق المدارس بسبب كورونا يعنيان أنّ الأطفال العاملين أصلاً قد يشتغلون ساعات أطول أو في ظروف تزداد سوءا، في حين سيضطر كثيرون غيرهم إلى مزاولة أسوأ أشكال عمل الأطفال بسبب خسارة وظائف ودخل أفراد الأسر الضعيفة”.

أعرب التقرير عن الأسف لأنّ “التقدّم نحو إنهاء عمل الأطفال قد توقّف لأول مرة منذ 20 عاما، ممّا يعاكس الاتجاه السابق الذي سجّل انخفاض عدد الأطفال العاملين بمقدار 94 مليون طفل بين عامي 2000 و2016”. ولاحظ التقرير “ارتفاعا كبيرا في عدد الأطفال العاملين ضمن الفئة العمرية 5-11 عاما، والذين يمثّلون اليوم أكثر من نصف الرقم العالمي الإجمالي”، مشيرا إلى أنّه ضمن هذه الفئة العمرية “ارتفع عدد الأطفال الذين يزاولون أعمالا خطرة، أي أعمالا يحتمل أن تضرّ بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم، بمقدار 6.5 مليون منذ عام 2016 ليصل إلى 79 مليونا”. ومن الأمثلة على قطاعات العمل الخطرة على الأطفال المناجم وصيد الأسماك، فضلاً عن واقع أنّ عمل هذه الأيادي الصغيرة لأكثر من 43 ساعة في الأسبوع يجعل ارتيادهم المدرسة أمراً شبه مستحيل.

نقل التقرير عن غاي رايدر، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، قوله، إنّ “التقديرات الجديدة جرس إنذار. لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتعرّض جيل جديد من الأطفال للخطر”. وأضاف، “نحن في لحظة محورية، والكثير يتوقف على كيفية ردّنا. هذا هو الوقت المناسب لتجديد الالتزام والطاقة، من أجل تخطّي الأزمة وكسر حلقة الفقر وعمل الأطفال”.

من جهتها قالت هنرييتا فور المديرة التنفيذية لليونيسف في التقرير “إنّنا نخسر في معركتنا لمكافحة عمالة الأطفال، والعام الماضي لم يجعل هذه المعركة أسهل إطلاقاً”. وأضافت، “الآن، في العام الثاني من عمليات الإغلاق الشاملة، وإغلاق المدارس، والاضطرابات الاقتصادية، وتقلّص الموازنات الوطنية، تضطر الأسر إلى اتخاذ خيارات مؤلمة”. وتابعت، “نحثّ الحكومات وبنوك التنمية الدولية على إعطاء الأولوية للاستثمار في برامج يمكن أن تخرج الأطفال من القوى العاملة وتعيدهم إلى المدرسة، وفي برامج حماية اجتماعية تساعد الأسر في تجنب هذه الخيارات بالكامل”.

لفت التقرير خصوصاً إلى الوضع في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث “أدّى النموّ السكّاني والأزمات المتكرّرة والفقر المدقع وضعف تدابير الحماية الاجتماعية، إلى زيادة عدد الأطفال العاملين بمقدار 16.6 مليون خلال السنوات الأربع الماضية”. أما من حيث القطاعات التي يعمل فيها الأطفال، فقال التقرير، إنّ “قطاع الزراعة يشغّل 70 في المئة من الأطفال العاملين (112 مليوناً) يليه 20 في المئة في الخدمات (31.4 مليون) و10 في المئة في الصناعة (16.5 مليون)”. ووفقاً للتقرير، فإنّ “عمل الأطفال منتشر بين الفتيان أكثر من الفتيات في جميع الأعمار”، لكن “إذا حسبنا الأعمال المنزلية التي تمارس لمدة 21 ساعة على الأقلّ في الأسبوع، فإن الفجوة بين الجنسين تضيق في عمل الأطفال”. كذلك، فإن “انتشار عمل الأطفال في المناطق الريفية (14 في المئة) أعلى بثلاث مرات مما هو عليه في المناطق الحضرية (5 في المئة)”.

وإذ حذّر التقرير من أنّ “الأطفال العاملين معرّضون لخطر الأضرار الجسدية والنفسية”، أشار إلى أنّ “العمل يهدّد تعليمهم، ويُقيّد حقوقهم ويحدّ من فرصهم في المستقبل، ويؤدّي إلى حلقات مفرغة من الفقر وعمل الأطفال بين الأجيال”. وقال تقرير للوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية صدر الخميس أيضا، إن “إساءة معاملة الأطفال ازدادت أيضا أثناء عمليات الإغلاق والحجر الصحي”، وكذلك عدد حالات الانتهاك الجنسي عبر الإنترنت.

استند التقرير إلى إحصاءات لوكالة الشرطة الأوروبية يوروبول. ويُعقد بين 10 و17 يونيو الجاري مؤتمر العمل الدولي الذي سيناقش إصدار التقديرات العالمية الجديدة وخارطة الطريق المقبلة.

العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى