مقالات

كمال حامد يكتب.. معاهدات الحدود السودانية الإثيوبية ولماذا الفشقة أولوية على حلايب ؟

كمال حامد

هي معاهدات متعددة مترابطة تشمل حدود إثيوبيا مع السودان وحدود إثيوبيا مع إريتريا وحدود إثيوبيا مع جنوب السودان.

معاهدة السلام بين الحبشة وإيطاليا ويتضح منليك ممسكاً بالختم

بالمناسبة هذه المعاهدات لم تسلب منا بني شنقول وحدها بل كانت لها تعديلات قضمت منا مساحات ليست قليلة منها التعديل على نقطة إلتقاء حدود الحبشة وأريتريا والسودان وهي النقطة التي تعرف في الحدود الدولية بالثلاثيةTripod ، فقد كانت عند التقاء خور شرق أم حجر بنهر ستيت فتم جرها غربا عند مقرن خور الرويان بنهر ستيت وستشعر بالضيم إذا نظرت للخارطة لتجد كم بلدة وكم قرية سودانية خرجت وصارت داخل أثيوبيا أو إريتريا، وأنصحك ألا تفعل إذا كنت مصاباً بالضغط أو السكري.

وهي نفس المعاهدات التي تم الرجوع إلى أحكامها أثناء نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي للخلاف بين إثيوبيا وأريتريا في مثلث بادمي فحكمت المحكمة بتبعية المثلث لأريتريا. وهي نفس المعاهدات التي جعلت جامبيلا الجنوبسودانية 100% وسكانها من قبيلتي الأنواك والنوير جزءا من أثيوبيا.

كلام وكتابات الأثيوبيين أنها معاهدات صيغت أثناء الأستعمار كلام خارم بارم، لأن من يتتبع تفاصيل التفاوض لتلك الفترة يجد أن الطرف الذي كان حاضراً يفاوض عن نفسه كدولة وكيان مستقل معترف به دولياً هو الحبشة، وكانت كل المعاهدات يتم التفاوض عليها في أديس أبابا ومع منليك مباشرة. كذلك تمارس بعض الكتابات الأثيوبية شبه الأكاديمية تدليساً حين تدعي أن المعاهدات لم يتم المصادقة Ratification عليها من طرف الحبشة.
المصادقة ممارسة كانت تتم من قبل الدول الأوروبية ذات الحكم المؤسسي والتي كان لها برلمان ومجلس وزراء، فتقوم هذه المؤسسات بمراجعة نصوص المعاهدة التي صاغها ووقع عليها ممثلهم المقيم في أديس أبابا للتأكد من أنه لم يتجاوز صلاحياته، فتتم المناقشة والمصادقة عليها صعودا إلى الملك.

أما في الحبشة فقد كان التفاوض مع منليك مباشرة وكان نظام حكم فردي مستبدDepotism ، وعليه في اللحظة التي كان منليك يضع ختمه على المعاهدة فقد كانت تعتبر مصادقةRatified  لأنه كان السلطة التي لا سلطة فوقها ولم يكن هناك برلمان ولا مجلس وزراء. هناك كتابات تزعم أن منليك لم يوقع على المعاهدة. منليك لم يكن يوقع بل كان يضع خاتمه الملكي، وخلاص.

بعد هزيمة الإيطاليين في معركة عدوة المشهورة سنة 1896م أرسلوا مبعوثا أسمه دكتور نيرازيني Nerazzini وقع معاهدة سلام مع منليك اعترفت ايطاليا فيها بالحبشة دولة مستقلة واعترفت فيها الحبشة باستعمار إيطاليا لأريتريا. الرسام الإيطالي الذي وثق اللحظة أتقن إظهار منليك ممسكاً بختمه بينما الإيطالي يوقع. حين يختم منليك أعلى سلطة فقد قضي الأمر بالنسبة للحبشة.

أما نيرازيني Nerazzini فقد كان يحمل نسخة إيطاليا من المعاهدة ويعود بها لبلده وهناك تبدأ بالمرور خلال سلسلة الإجراءات عبر هياكل الحكم وهي إجراءات المصادقة Ratification.

لماذا الفشقة أخطر من حلايب ؟

حلايب ليست قاعدة ارتكاز لمشروع توسعي، بل تقف مطالب المصريين عند خط العرض22 ، وهو خط العرض الذي نصت اتفاقية الحكم الثنائي 1899م أنه الحدود بين مصر والسودان. أما كيف صارت حلايب، وهي مثلث شمال ذلك الخط تابعة للسودان، فهذه قصة أخرى.

السويسري ألفريد إيلق Alfred Ilg مستشار منليك الذي وضع توقيعه على اتفاقية 1902م

الفشقة ارتكاز توسعي للقوميين الأمهرا، وهو عقيدة تاريخية تمتد حتى الخرطوم. خط الحدود بين أثيوبيا والسودان خط عرفي غير معترف به من جانب أثيوبيا واتفاقية 1902م، التي ندندن بها تنصلت عنها أثيوبيا مراراً بزعم أن الذي قام بتوقيعها عن أثيوبيا أجنبي لم يكن مفوضاً من النقس نقستا منليك، وهو المهندس السويسري إلفرد إيلق Alfred Ilg، ونحن هنا نقدم المعلومة دون أن ننشغل بتفنيدها، علماً بأن إلفريد إيلق Alfred Ilg، هو نفسه من قام نيابة عن منليك بتوقيع خط بناء سكة حديد أديس أبابا جيبوتي.

التبسيط المخل والتهوين من مسألة عصابات الشفتا، أخطر من الشفتا نفسها، لأن هذا التهوين والتبسيط يتجاهل الحقائق على الأرض، وتكتيكات الشفتا في تهجير المزارعين السودانيين وإرهابهم، مع ملاحظة أن هجمات الشفتا تعدت مؤخراً نهر عطبرة إلى قرى غرب نهر عطبرة، وكل هذا يتم تحت زخم إعلامي وإسفيري كثيف عن الإخاء والوجدانيات.

عصابات الشفتا تقوم باغتيال وتخويف السودانيين من التواجد في المنطقة للزراعة وغيرها، وتفرض واقعاً يتم فيه بناء المستوطنات الإثيوبية الأمهرية بكل مقومات التواجد المستمر من مدارس وكنائس، وطرق معبدة تربطها بأثيوبيا، وفي نفس الوقت يستمر العزف على أوتار الوجدانيات والإقرارات الشفاهية من أديس أبابا بسودانية الفشقة وضبط الحدود … و… و…

إذن أثيوبيا تتلاعب بنا من خلال ثنائية أديس أبابا والقوميات المتاخمة للحدود بحكوماتها الذاتية الحكم، وحكومات الأقاليم المتاخمة تفلق، وأديس أبابا تطبطب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى