تقارير

ما بين دعوات آبي للحوار وتشغيل التوربين الثاني.. سد النهضة.. هل تمضي إثيوبيا لفرض سياسة الأمر الواقع؟

تواترت أنباء عن دعوة رئيس الوزراء الاثيوبي آبي احمد السودان ومصر إلى مواصلة الحوار بشأن سد النهضة، وتزامن ذلك مع اعلان هيئة البث الاثيوبية تشغيل التوربين الثاني للسد، وهو ما ابرز سمة التناقض بين مساعي آبي وخطوات اديس المستمرة في المضي قدماً بمسيرتها رغم الاعتراضات المتكررة من الخرطوم والقاهرة على التصرف الاحادي في ما يخص الملف الملتهب منذ سنوات رغم تعدد المساعي الاقليمية والدولية لايجاد صيغة توافقية للدول الثلاث.

إجراءات أحادية

الاعلام الاثيوبي اعلن أن التوربين الثاني لسد النهضة بدأ في توليد الطاقة الكهربائية، وان تشغيله جرى امام مسؤولين كبار في الحكومة الاثيوبية، ويأتي ذلك في اعقاب اعلان رئيس الوزراء الشاب عن تدشين الملء الثالث لبحيرة السد في قوبا باقليم شنقول.

في وقت نقلت فيه الشرق الاماراتية على لسان وزير الري السوداني مطالبته لاثيوبيا بوقف الاجراءات الاحادية والتوصل الى اتفاق قانوني بشأن السد.

المحلل الاقتصادي والسياسي د. محمد الناير وصف تصريحات آبي أحمد بالمتناقضة مقارنة بما يجري على ارض الواقع لديهم، وقال لـ (الانتباهة) ان اثيوبيا ظلت تنقض كل الاتفاقيات المبرمة معها التي تضمنها اعلان المبادئ الموقع بالخرطوم في عام 2015م، وذلك عبر اتخاذها قرارات احادية بملف السد، بالرغم من اهمية حدوث توافق بين الدول الثلاث حول مراحل الملء والفترة الزمنية والتشغيل، حتى لا يحدث خلل للسدود السودانية والسد العالي في مصر.

زيارة المسؤولة الامريكية

وخلال الشهر الماضي كان المبعوث الخاص لواشنطون في القرن الافريقي قد زار مصر واثيوبيا والامارات في رحلة خلا جدولها من الخرطوم، وذلك لاستعراض مآلات التفاوض المتعثر حول السد، تلك الزيارة التي خلفت تساؤلات حول غياب السودان عنها واعتبره في حينها مراقبون شيئاً طبيعياً، لجهة ان موقف السودان وسيط اكثر من منازع، ولم تخرج تصريحات او بيانات لتفاصيل تلك الرحلة الماكوكية لـمولي المسؤولة الامريكية الرفيعة، وفيما يبدو من مجريات الواقع انها لم تلتمس اطروحات حل جذرية، وهو ما عكسته اديس عبر استمرارها في تصرفاتها الاحادية تجاه السد.

ونحن من قبل كنا قد تحدثنا عن ان فترة ملء البحيرة لا بد ان تصطحب كميات الامطار الفعلية، وبالتالي يمكن ان تزيد او تخفض حسب تدفقات المياه، مع العلم بأن فترات الملء الماضية الاول والثاني جاءت في ظل هطول امطار بمعدلات جيدة، لذلك الاثر لم يكن كبيراً على مصر والسودان، ولكن عدم التنسيق هو الذي يؤثر، وقد يكون الاثر كبيراً إذا كانت معدلات الامطار اقل.

وذهب الخبير في الشؤون الدولية الاستاذ بجامعة افريقيا وليد الطيب الى ان اثيوبيا حريصة على سياسة فرض الامر الواقع، وانها تريد كذلك ان تحظى مخرجات سياستها بمباركة من الخرطوم والقاهرة.

وتابع الطيب معلقا على دعوات آبي للحوار واعتبرها في سياق سياسة الامر الواقع، واشار محدثي الى عدم وجود اي خيار بين الدول الثلاث الا الاحتكام للحوار في ما تبقى من قضايا مثل اكمال الملء وادارة السد مستقبلاً.

تفاهمات توافقية

وخلال مؤتمر (الايقاد) الذي انعقد في الخامس من يوليو الماضي بكينيا جمع لقاء رئاسي آنذاك رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الاثيوبي آبي احمد على هامش الملتقى الافريقي، وسادته أجواء من الايجابية بحسب ما نقلته التصريحات المشتركة، وذلك بعد فتور في العلاقات في اعقاب التوترات الحدودية بين الدولتين بالفشقة خلال الاشهر الاخيرة.

وهناك مراقبون اعتبروا ان ذلك اللقاء قد يؤسس لمرحلة من الحوار الشفاف لمعالجة القضايا بين البلدين، وقطعاً السد يمثل احد الملفات المتنازعة بين الدول الثلاث السودان ومصر واثيوبيا خلال السنوات الاخيرة، ولم يتم الوصول فيه الى تفاهمات توافقية تقود الى التنسيق بينها لادارة السد.

ولكن محدثي الخبير الاقتصادي والسياسي د. محمد الناير يرى ان واقع الحال يعكس عدم وجود تنسيق في ما يتعلق بالسد بين الدول الثلاث، الامر الذي قد ينعكس سلباً على الخرطوم والقاهرة مستقبلاً واردف الناير وقال: (إن اهمية التنسيق تكمن في تحديد الفترات المناسبة لفتح واغلاق السدود السودانية والمصرية قياساً بما يحدث في دولة المنبع، غير ان غياب هذه المعلومات يؤثر سلباً في دول المصب).

وانتقد الناير تعامل المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي مع هذا الملف وهو يجيب ساخراً: (لا حول لهم ولا قوة تجاه هذه القضية)، ومضي الناير الى ان اثيوبيا تمضي في تصرفات احادية.

وهناك متابعون اعتبروا ان استمرار وضع الحوار بالشكل الحالي لن يثمر عن جديد، وتوقعوا ان تمضي اثيوبيا في سياساتها الاحادية حال لم يتم ضغط اقليمي ودولي عليها حتى ترضخ لحوار يتمخض عنه حل جذري وتوافقي، لضمان ان يكون السد مفيداً للدول الثلاث وتجنب السيناريوهات السيئة.

فيما مضى خبراء سياسيون الى انه ينبغي الاستماع لدعوات رئيس الوزراء الاثيوبي، خاصة ان الموقف لا يحتمل التعنت من الدول الثلاث في المرحلة الحالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى