أعمدة رأي

مطر بدون براق … هل هي نعمة ام نقمة ؟

صوت القلم .. د. معاوية عبيد يكتب

تغيرت الاجواء المناخية في كل دول العالم والسودان واحدة من هذه المنظومة التي تغير مناخها بسبب عوامل طبيعية أو بسبب عودة الي المناخ الي سنين خلون كما ذكر علماء الطبيعة و المناخ ، ما يهمنا نحن هنا التغييرات المناخية التي حدثت خاصة الامطار الكثيرة و السيول و الغيوث التي غطت سماء وأرض بلادي في هذه الأيام، ولو سألنا أنفسنا هل هذه الامطار الغزيرة التي هطلت علينا و السيول التي جربت المنازل هل هي نعمة ام نغمة علينا ؟
علي المرء أولاً أن يحمد الله علي ما اصابه من خير او شر ، و يجب علينا ثانياً أن نرجع الي آيات الله و احكامه و نتدبرها وننظر إليها هل هي نعمة ام نقمه؟
يُعرّف المطر لغوياً بأنّه: الماء النازل من السحاب وجمعه أمطار، والمطر يأتي بالخير والنفع أو بالضرر في وقته أو غير وقته.
أمّا معنى الغَيْث لُغوياً فهو:المطر الغزير الذي يأتي بالخير، ويُغيث من الجدب وجمعه غُيُوث وأغْياث، ويُطلق اسم الغيث مجازاً على السَّماء والسَّحاب والكلأ ، ويري بعض علماء اللغة العربية كابن منظور في كتابه “لسان العرب” على أنّه لا يوجد فرق دلالي بين الغيث والمطر، بينّما أكّد الثعالبي أنّ لفظ المطر لم يَردْ في القرآن الكريم إلا بدلالة العذاب .
أمّا الزمخشري فقال: في هذه النقطة أنّ لفظ مطَرت تأتي بالخير أو مع فعل ودلالة الخير، فنقول مطَرت بالخير في حين أنّ كلمة أمطرت تُصاحب الشر والعذاب فنقول أمطرت بالعذاب؛ فيما جاء في فتح الباري لابن حجر: “مطرت السماء وأمطرت، يُقال: مطرت في الرحمة، وأمطرت في العذاب”.
وقال: ابن عينية “ما سمّى الله مطراً في القرآن إلا عذاباً أي ما أورد لفظ المطر في القرآن إلا على العذاب، ويقول بعض العلماء وأصحاب الاجتهاد أنّ الفرق بين الغيث والمطر يأتي بسبب النزول، فيأتي الغيث من وراء حاجة؛ لأنّه يغوث ويُنجد الناس من المحل، والمرض، والهلاك، فيما يأتي المطر على غير حاجة ، و نجد أن كثيرا من الناس يصفون الكوارث الطبيعية بأنها عقاب من الله عز وجل للناس، وهذا اعتقاد خاطئ، وهذه الكوارث ليست غضبا من الله ولا من الطبيعة، أن “من يزعم أن هذا غضب الله فمعناه أن الله أوحى إليه أنني قد غضبت على هؤلاء وعلى هذا الشعب وعلى هذه المنطقة وعلى هذه المدينة،وهذا تقوّل على الله. ومن الكبائر أن تقولوا على الله ما لا تعلمون “. والمعاصي لا تقع فقط في محل الأعاصير والزلازال.
ويقول علماء الإسلام أن الكوارث والنوازل الطبيعية، جزء من سنن الله سبحانه وتعالى في الكون، وعلى سبيل المثال أن الرسول صل الله عليه وسلم أخبر الناس الذين اعتقدوا أن الكسوف الذي وقع في عهده كان بسبب وفاة ابنه إبراهيم، قائلا لهم: “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد من الناس”. ومن المنظور الإسلامي، تعد الكوارث الطبيعية من الابتلاءات التي يمتحن بها الله عز وجل عباده، حيث يبتليهم بالخير وبالشر. كما أن الكوارث هي أيضا تذكير بآيات الله عز وجل وتذكير بيوم القيامة، وجاء في حديث صحيح أنه قبل قيام الساعة تكثر الزلازل.
و الناظر لحالنا اليوم يجد أن هذه الامطار و الحروب و الزلازل التي أصابت بلادى هي ابتلاء و امتحان لأننا عصينا الله ورسوله ، نعم عصينا الله بالرغم من كثرة ولكننا غثاء كغثاء السيل و لم نكن علي قلب رجل واحد و تداعت علينا الأمم كما قال صل الله عليه وسلم ” يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله: وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت” نعم هي نغمة رغم كثرة مساجدنا و اقبالنا عليها وصلاتنا وصيامنا وحجنا الذي اصبح تفاخر و تباهي
تجد ما إن خرجنا من المساجد الا وأكل بعضنا لحم بعض غيبة ونميمة وبهتان، وكل واحد منا يتمني زوال نعمة غيره حسداً وحقداُ من عند أنفسهم ، وكل واحد منا يكيد علي أخيه المسلم في المكتب و الشارع و البيت و الحلة ويتمني أن يموت أخيه ويظفر هو بمكانته ، كيف لا تكون هذه الامطار نغمة ونحن نأكل بعضنا بعضا جشعاً وطمعا وغلاء في الأسعار وغلا و تططفيف في الميزان ، وحلف بالله كاذب ، كيف لا تكون نغمة و قد حاربنا الله ورسوله وجئنا بالمثليين و اغلقنا الشوارع ( والله ربنا لو رفع الترس لقطعت يده )،
كيف لا تكون نغمة وقد قالوا: ( انشاء تمطر حصو ) ، ( فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ) (٣٢ الأنفال ) كيف لا تكون نغمة و نحن نريد الخلاعة و المجون ونزع القيم الإسلامية من مجتمعنا وأصبحنا نتبع اليهود ولو دخلوا جحر ضب ، كيف لا تكون نغمة وقد قال كبير الهالكين و قاتل النفس التي حرم الله الا بالحق ( مطر بدون براق ) فها هي قد أمطرت عليه وعلي امثاله، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ( النمل ٥٨ ) .
كيف لا تكون نغمة وقد غالينا في الأسعار و رفعنا الايجار ،واصبح بعضنا لا يطيق بعض لا في الونسة و لا في الهظار، وسرق الجار الجار ،و تغيرت الوجوه و أصبحنا من سمسار لسمسار ، وولي الامر الي غير أهله ونسأل الله أن يصلح المسار .
ورغم ما تخلفه من خسائر بشرية ومادية، فإن هناك بعض الفوائد من الزلازل والفيضانات والبراكين التي تحدث من فترة إلى أخرى، فهي تؤدي إلى الارتقاء بالناس وإيقاظهم من غفلتهم، وقد تكون فرصة للمسؤولين ليكتشفوا مواطن تقصيرهم فيما اوكل إليهم من مسؤلية كلكم راع و كلكم مسؤل عن رعيته ، وفرصة لكل من اخفق أو قصر في حق نفسه او أخيه أو جاره أو زميله في العمل أن يراجع نفسه ويتوب الي الله توبة نصوح ،كما أن الذين يموتون في الكوارث والنوازل الطبيعية هم شهداء عند الله عز وجل، كما أورد الرسول صل الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، والذين تضرروا وتعرضوا للأذى وصبروا على ذلك ينالون أجرا عظيما ، كما انها تعمل علي احياء سنة التكافل الاجتماعي والتراحم بين الناس في مساعدة إخوانهم المتضررين، من توفير المأوى و الماكل و الملبس و العلاج وكثير من المؤسسات الاجتماعية التي تعمل في هذا المجال وكثير من الخيرين جادو بأموالهم ، يقول تعالي في سورة الشورى : ( وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وينشر رحمته ) الشورى ٢٨ ، وايضا من رحمة هذه الامطار و الغيوث أنها إمداد للإنسان والحيوان والنبات والجماد، وإمداد باطن الأرض بالمياه العذبة الصالحة للشرب والري والتخزين، لأن الحياة البشرية معتمدة اعتماد كلي على المياه . أحسنوا جوار النعم فانها لا تدوم عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي رسول الله صل الله عليه وسلم فرأى كسرة ملقاة فقال { يا عائشة أحسني جوار نعم الله عليك فإنها قل إن نفرت عن قوم فكادت ترجع إليهم }

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى