تحقيقات

(ويكيليكس) السودانية .. (1) .. شرعنة الفساد

التحلل من الثراء الحرام بالوثائق والمستندات

تحقيق ـ التاج عثمان

(ويكيليكس السودانية) تحقيق صحفي في حلقات يكشف بالوثائق والمستندات حجم الفساد المالي والإداري والفني الذي اجتاح مفاصل العديد من المؤسسات الخدمية والاقتصادية الحكومية وأصابها بالشلل والفشل في عهد النظام البائد .. نهش شره مسعور للمال العام وتشليع لممتلكات هذا الشعب المغلوب على أمره .. ويكشف التحقيق كيف تفنن منتسبو عهد الإنقاذ البائد في سرقة المال العام ونهب ممتلكات الدولة طيلة الثلاثين سنة الماضية حتى أصبحت بلادنا خالية على عروشها .. نهشوا لحم الوطن وتركوا العظم .. والأدهى أنهم عندما يسرق القوي المال العام يتركوه وإذا فعلها الضعيف تكالبوا عليه ونحروه، مسخرين أجهزتهم الإعلامية العميلة لفضحه والتشهير به لمداراة سوءاتهم وصرف الأنظار عن جرائمهم الكبيرة .. بل أنهم قاموا بـ(شرعنة الفساد) عندما يقوم أتباعهم وأذيالهم بسرقة المال العام بابتداعهم نظام (التحلل من الثراء الحرام والمشبوه)، فمبجرد اعترافهم بسرقة المال أو أصول ومقتنيات الشعب والتظاهر باستردادها منهم يصبحون طلقاء لا محاكمات تعقد لهم ولا عقوبات ولا سجون تفتح أبوابها لهم .. وإليكم نماذج من الجرائم والممارسات الخاطئة التي اكتوى بنيرانها كل الشعب السوداني طيلة الثلاثين سنة الماضية.. وننوه أن الاعتداء على المال العام بأنواعه المختلفة حدث إبان حكم العهد البائد وهي غيض من فيض.. وما خُفي أعظم**.

عربات التحلل

من الأشياء المضحكة المبكية التي ابتدعها نظام الإنقاذ ما يسمى بـ(التحلل من الثراء الحرام والمشبوه)، منها على سبيل المثال، معالجة وضعية عربات التحلل من الثراء الحرام والمشبوه في قضية بعض العاملين بمكتب الوالي (عبد الرحمن الخضر)، عام 2014م.. حيث تم الكشف بواسطة لجنة على عدد من منسوبي رئاسة ولاية الخرطوم لسرقتهم عربات حكومية تابعة لحكومة الولاية، وعددها (6) عربات، وتم فتح بلاغات جنائية في مواجهتهم، في البلاغ الشهير رقم (19/2013م)، لكن تم إطلاق سراحهم وفقاً لنظام (التحلل) بعد إرجاعهم المسروقات لصالح وزارة المالية ولاية الخرطوم..وكان المتهمون يوقعون ويبصمون على (إقرار بالتحلل) صادر من: (لجنة التحقيق لبعض منسوبي رئاسة ولاية الخرطوم)، في عهد والي الإنقاذ المعروف (عبد الرحمن الخضر).. وليعلم الجميع طبيعة الإقرار ومحتواه ننشره هنا بالنص:

وزارة العدل/ لجنة التحقيق لبعض منسوبي رئاسة ولاية الخرطوم

                إقرار بالتحلل

أنا ………………

أوافق على عرض اللجنة لي بالتحلل من الثراء الحرام والمشبوه الذي كسبته وتحصلت عليه بدون وجه حق، والذي أقررت به أمام اللجنة، وأورده الشهود والمستندات..وأقر بأنني لم أكسب أي عربة أخرى خلافها.. وأنني قد أدليت بكافة المعلومات التي توضح كيفية حصولي على هذا الكسب، سواء تم ذلك باسمي او باسم أحد معارفي..وأفوض اللجنة لتكملة إجراءات رد هذا المال، وهي كالآتي:

ـ عربة إسبورتاج.

ـ عربة آكسنت

والمتحلل من الثراء الحرام وسرقة المال العام يكتب اسمه في نهاية الإقرار، ويوقع ويبصم، مع رقم بطاقة إثبات الشخصية.. وإقرار التحلل صادر من وزارة العدل، لجنة التحقيق لبعض منسوبي رئاسة ولاية الخرطوم.. والعربات المسروقة الست التي تم التحلل منها بواسطة المتهمين، هي:

ـ أكسنت 2012 ـ رقم اللوحة (37113خ4).

ـ اسبورتاج 2011 ـ رقم اللوحة (23890خ4).

ـ بوكس دبل كاب ـ رقم اللوحة (30777 خ2).

ـ كوريلا 2010 ـ رقم اللوحة (22696 خ3).

ـ آكسنت ـ رقم اللوحة (37193 خ3).

ـ آكسنت ـ رقم اللوحة (71519).

جهاز الرقابة

بعد معالجة وضعية عربات التحلل في قضية مكتب الوالي عبد الرحمن الخضر عام 2014م، والمتهمون فيه عدد من منسوبي مكتب الوالي في البلاغ رقم (19/2014م)، والتحلل من العربات لصالح وزارة المالية ولاية الخرطوم، خاطبت اللجنة مدير جهاز الرقابة على العربات الحكومية ولاية الخرطوم لتحويل ملكية العربات (المسروقة)، المتحلل عنها المتهمون إلى اسم وزارة المالية ولاية الخرطوم، بموجب القرار: (32/2014م)، والتي قررت قبول التحلل بموجب قانون الثراء الحرام والمشبوه.

بتاريخ 7/6/2016م خاطبت (لجنة التحري ومراجعة تخفيضات القطع الاستثمارية بولاية الخرطوم والولايات)، خاطبت مدير جهاز الرقابة على العربات الحكومية ولاية الخرطوم.. وهذا نص الخطاب:

الموضوع/تحويل ملكية مركبات إلى اسم وزارة المالية ولاية الخرطوم

إشارة للموضوع أعلاه نفيدكم بأن العربة، (كيا سبورتاج)، بالرقم (23890 خ ع)، برقم الماكينة (…)، ورقم الشاسي (…)، كانت موضوع التحقيق في التحريات الأولية بموجب المادة (47) إجراءات أمام اللجنة المشكلة بموجب القرار (32/2016)، والتي قررت قبول التحلل الذي تم بشأنها بموجب قانون الثراء الحرام والمشبوه، وبعد صدور قرار السيد/ وزير العدل، بالرقم (55/2015)، كانت الإجراءات من ضمن عمل اللجنة..عليه فقد قررت اللجنة تحويل ملكية العربة المتحلل عنها لوزارة المالية ولاية الخرطوم..(مرفق إقرار التحلل).

عليه..تكرمكم بعمل ما يلزم من إجراءات لفتح سجل حكومي للعربة أعلاه باسم وزارة المالية ولاية الخرطوم، والتنسيق مع وزارة المالية ولاية الخرطوم.

الخطاب السابق الموجه لمدير جهاز الرقابة على العربات الحكومية ولاية الخرطوم، صادر من (لجنة التحري ومراجعة تخفيضات القطع الاستثمارية بولاية الخرطوم والولايات)، وذلك يعود أن قضية العربات الحكومية المسروقة تدخل ضمن نطاق قضية أكبر وأخطر من سرقة عربات الحكومة، والتي عرفت بـ(قضية مكتب الوالي عبد الرحمن الخضر عام 2014م)، وتضم بجانب العربات المسروقة قضية منح عشرات القطع الاستثمارية لبعض منسوبي مكتب الوالي برسوم مخفضة.

أين العربات الآن؟

حسب قرار لجنة التحقيق لبعض منسوبي رئاسة ولاية الخرطوم، يفترض تحويل ملكية العربات الحكومية الست (المسروقة) بعد التحلل منها بواسطة المتهمين، إلى وزارة المالية ولاية الخرطوم.. ولكن هل حدث هذا الإجراء فعلاً؟..بطرفنا مستند يثبت أن ملكية العربات لم تحول لوزارة المالية ولاية الخرطوم.. كما يثبت المستند أن دور إدارة الأصول غير مفعل، بل أنها متوقفة تماماً.. المستند عبارة عن خطاب، صادر من إدارة الأصول، بتاريخ 12/12/2021م، يخاطب فيه مدير عام وزارة المالية والاقتصاد والاستثمار.. وهذا نصه:

“الموضوع/ معالجة وضعية عربات التحلل في قضية مكتب الوالي عبد الرحمن الخضر عام 2014م.

بالإشارة إلى عاليه، وإلى خطابي بتاريخ 24/9/2020م، المعنون إلى مدير إدارة الأصول ليرفع الأمر متسلسلاً، (مرفق صورة).. أفيدك بأن العربات المذكورة بحوزة نيابة المال العام ولم تتم أية معالجة حتى الآن.

عليه أرجو عمل اللازم لتحويل ملكية العربات إلى وزارة المالية واستلامها من نيابة المال العام.. كما أرجو تفعيل دور الإدارة العامة للأصول حسب إجازة هيكل وزارة المالية..الآن هذه الإدارة متوقفة تماماً.

إدارة الأصول

   الإدارة العامة للأصول تتبع لوزارة المالية ولاية الخرطوم، وتوجد إدارة أو قسم للأصول في كل وحدة حكومية بولاية الخرطوم، فنياً تتبع للإدارة العامة للأصول والممتلكات وهي إدارة فرعية حتى الآن..

 ومهمتها الأساسية المحافظة على أصول وممتلكات ولاية الخرطوم والقيام بالتفتيش الميداني لها حسب لائحة إجراءات الشراء والتعاقد لأصول الولاية المختلفة، وأهمها الأراضي والمتحركات أو العربات الحكومية في وحدات الولاية المختلفة، والعربات الدستورية، وعربات الموظفين، وعربات نقل النفايات، والصرف الصحي، وآبار مياه الشرب وطلمباتها، وبصات شركة مواصلات الولاية، وأجهزة الحاسوب.

ومن التجاوزات الحادثة الآن، هناك عربات حكومية تسير في شوارع الخرطوم وطرق الولايات بلوحة خاصة خارج سجل جهاز الرقابة على العربات الحكومية، وخطورة ذلك أن جهاز الرقابة لا يعلم عنها شيئاً ولا يمكنه مراقبتها ومتابعتها.. وإستناداً على ذلك يمكن التلاعب بالعربات الحكومية ذات اللوحات الخاصة، أو بيعها، أو تشليعها وبيعها اسبيرات!.

المصدر : صحيفة (الحراك السياسي)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى