إقتصاد

☽ ☜ لنا كلمة ☞ ☾

✏بقلم الاستاذ / سعد محمد احمد
🔥إمبراطورية قطاع الاتصالات
☜☜☜☜☜☜☜☞☞
لا يمكن ان تتخيل اقتصاد عالمي او محلي في عالم اليوم من دون قطاع الاتصالات والتي ارتبطت به كل القطاعات، الاتصالات، هي نتيجة حتمية لقدرة البشر على النطق و وسيلة التفاهم والتفاعل ونشر الفكر والمعرفة، لا يمكن تخيل عالم من دون تواصل الاتصالات .
رغم أن البعض يرى أن الإنترنت والاتصالات لها عيوب الا انها عمليا الأثير الذي ينقل أصواتنا وذاتنا في الفضاء الرقمي. هي العولمة التي فرضت ايقاعها على الكوكب منذ القرن الماضي والتي بدأت ملامحها تتغير راهنا نحو التجزئة والاقلمة الاقتصادية ارتبطت بالرقمنة لخلق حالة جديدة للتواصل والربط بين الدول والصناعات والشركات والأفراد حول العالم من خلال تدفق المعلومات والبيانات والأفكار والمعرفة، يرى بعض الباحثين العولمة الرقمية باعتبارها شكلا جديدا من أشكال العولمة في حين يرى آخرون أن الاتصالات في نقل البيانات هي حاجة بشرية أكبر من أن تبتلعها سياسة اقتصادية أو أن تهيمن عليها قيم الإمبراطورية الثقافية لكن عالم يتسيده مستبد، وهذا النفط الرقمي الذي بات محرك الإنتاج محجوب عن أعين بقية البشر.
اما امبراطورية قطاع الاتصالات في السودان حدث ولا حرج اشتكى واحصد (خفي حنين) رغم ما يشكله من حضور طاغي على المشهد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي الا انه إمبراطورية مستبدة بما تعنيه المفردة من معنى واسع، هذا القطاع الوليد الشرعي لمؤسسة الشعب دار الهاتف والذي تم حصخصته دون مردود ناكر لوالده الشرعي بعد أن أصبح يشكل أكبر قطاع يمتص مدخرات الناس مع التميز برداءة الخدمات التي تقدمها وعقود الأذعان التي تفرضها على المستهلكين وعملائها دون حسيب أو رقيب أو مساءلة أو محاسبة، هذا القطاع يكاد القطاع الوحيد ليس علية ضريبة ارباح اعمال بل تسقطع ضريبة القيمة المضافة التي تفوق 30% التي تسددها نيابة عن المشتركين والمستهلكين لديوان الضرائب ولا أدري ماهو قدرة الجهات المعنية في التدقيق المحاسبي في تحصيل القيمة المضافة كاملا من شركات الاتصالات.
قطاع الاتصالات هي الجهة الوحيدة التي تحدد كل شركة بمزاجها تعريفة الاتصالات والانترنت والخدمات الأخرى الخاص بها دون أي معايير وتكاد القطاع الثاني بعد قطاع المياه الذي تسدد قيمة الخدمة مقدما دون التمتع بالخدمة الكاملة في غالب الأحيان ويكاد القطاع الوحيد الذي يخصم من رصيدك دون علمك ويدعى أن لديك اشتراك في خدمات انت لا تعرف كنهها، يكاد القطاع الذي يتوفر فيه عدم الشفافية في حجم الإيرادات واستثمار السيولة المتوفرة لديه وعوائدها، هناك أصابع اتهام حول هذا القطاع وأنشطته وموارده منذ أن تم خصخصته حتى تاريخ اليوم هذا القطاع يحتاج مراجعة ومعرفة حجم مساهمته في الدخل القومي وتمليكه للرأي العام.
هنا لابد من القيام ببعض المقاربات، نشاط الاتصالات في العالم في تقرير نشره (معهد ماكينزي العالمي) عام ٢٠١٧ أن الحركة المتعاظمة لرووس الأموال والتجارة الدولية بدأت بالتراجع منذ عام ٢٠٠٨ ومع ذلك فإن الحركة الرقمية آخذة في الارتفاع على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية أصبح الإنترنت قناة لتريليونات الدولارات في التجارة والصناعة والاقتصادات وحتى في طبيعة العولمة نفسها إنما اليوم ومع تراجع التجارة العالمية في السلع والخدمات وتراجع التدفقات المالية العالمية بشكل كبير تتزايد تدفقات البيانات المتنقلة بين جهات الأرض الأربعة تتخذ عدة أشكال منها ما يخلقه المستخدمون العاديون مثل رسائل البريد الإلكتروني ومكالمات الفيديو ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك من خلال استهلاك السلع الرقمية من جميع أنحاء العالم ومنها ماتراكمه الشركات مثل الأرشيف والبيانات الكبرى الآتية من إنترنت الأشياء التي تصنعها ومن خلال البرمجيات مثل منصات التواصل وأنظمة التشغيل وبهذا يقدر قيمة الإيرادات السنوية المتوقعة بحلول ٢٠٢٥ بمبلغ يفوق ال ٦٨ مليار دولار سنويا من سوق تحليلات البيانات الضخمة العالمية.
في هذا النظام العالمي السريع التطور بدأت نشاط الاتصالات السلكية واللاسلكية في التأثير على الاتجاهات التنافسية للمناطق الاقتصادية في التجارة الدولية منذ التسعينات أدى انتشار خدمات الاتصالات إلى تحسين الإنتاجية كما أدى إلى جذب الاستثمار المحلي والأجنبي في هذا المشهد والبيانات لابد من التساؤل ماذا حقق قطاع الاتصالات في السودان خلال السنوات الماضية من جذب للاستثمار أن كان داخليا ام خارجيا وكم حجم إيراداته السنوية من الداخل والخارج وكم حجم مساهمات شركات زين، السوداني، كنار، ام تي ان، في الدخل القومي وكيف وبأي طريقة تم تحويل أرباح هذه الشركات للخارج وما مقدارها!؟ في الوقت الذي اصبح تطوير الاتصالات قوة دافعة مهمة للنمو الاقتصادي العالمي في السنوات الأخيرة وفي الفترة المعاصرة تكيفت التقنيات الرقمية مع احتياحات الصناعات التحويلية حيث تقدمت أنماط مثل التصنيع الذكي والمنتجات الذكية وسلسلة التوريدات الذكية والعمل الذكي والخدمات السحابية والبيانات الضخمة والتحليلات لهذه الأسباب شرعت البلدان المتقدمة والنامية على توجيه أدواتها السياسية التي يمكن أن تعزز توسيع وتحديث الاتصالات عمليا، في الوقت نفسه توجه الدولة السودانية أدواتها السياسية حرمان الناس من الانترنت والعمل على حجب المعلومات وتعزز تقزيم الاتصالات عمليا وتسيد ومراقبة الأجهزة الأمنية على أداء سوق الاتصالات كل ذلك للأسف لأسباب أجندات سياسية محلية وإقليمية عجزت أمامها شركات الاتصالات والمشتركين والمستخدمين والمستهلكين، في وقت يرى العالم البيانات بطريقة مماثلة للطاقة كمدخل مهم للتقدم، تتدفق البيانات حول العالم خطوط تجارية تعبر عبر الألياف الضوئية التي تصل البلدان ببعضها، وينقل معه ما اختاره المستخدمون من سلع وخدمات ورؤوس أموال. علي مدي السنوات الماضية أصبحت التجارة الالكترونية جزءا لا غنى عنها في إطار البيع بالتجزئة العالمي مثل العديد من الصناعات الأخرى. شهد البيع بالتجزئة تحولا كبيرا مع ظهور الإنترنت
وبفضل الرقمنة المستمرة للحياة الحديثة يستفيد المستهلكون من كل بلد تقريبا من مزايا التجارة عبر الإنترنت. البيانات باتت ركيزة أساسية في إنتاج السلع والخدمات ولا سيما ذات الصلة بالاقتصاد الرقمي والمعرفي ومن الأمثلة على كيفية ارتباط البيانات بإنتاج السلع ينتشر الذكاء الاصطناعي كتقنية للأغراض العامة في عدد متزايد من المجالات لمعالجة مشكلات متنوعة، الا ان ما يميز البيانات أيضا انها مواد أولية أو مصدر للطاقة لا يتبدد بمعنى أنه عكس النفط الذي يجب اشعاله كي ينتج طاقة، البيانات يمكن إعادة استعمالها ونشرها إلى كل ما يحتاج إليها،
الا انه عالم يبدي مصالح الإمبراطورية قبل اي شي اخر وتلك البيانات البالغة الأهمية والتي يجب أن تتم مشاركتها مع كل العالم من أجل الأبحاث والتطوير والإنتاج تخزينها بضع شركات أمريكية بات تعد آلهة وادي السيليكون وهي بذلك تمنع المنافسة وتقيد الوصول إلى المعرفة تحت حجة مخاطر انكشاف خصوصية المستخدم وعمليات القرصنة السيبرانية المحتملة علما بأن تلك الشركات، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، الفابت، أبل، لديها تاريخ حافل من التعرض لخصوصية المستخدمين وبياناتهم.
الا ان عالم إمبراطورية قطاع الاتصالات في السودان حكاوي تبتدي ولا تنتهي بداية من تمكين الخصخصة والتوظيف وفي مجالس الادرات تدور بعض الأحاديث همسا عن فسادها وتهريب الأموال بل يعتبر أقل قطاع تساهم في المسؤولية المجتمعية رغم ضخامة إيراداتها وحتى هذه المسؤولية المحدودة تقدم وفقا لاجندات والجهات معينة تكاد تكرر ولاغراض معينة مراجعة تاريخها وكشف الغموض فيها، بل هذا القطاع تسيطر على أداء الإعلام المقري والمشاهد والمسموع وتحدد الخطوط للصحف وتأثر في سياسة التحرير وتمنع الحديث عن رداءة الخدمة وفساد القطاع وكل ذلك يتم وفق الابتزاز الإعلاني.
هذه الإمبراطورية في حاجة إلى فتح ملفاتها والحديث عن المسكوت عنها وأثر أدائها على الاقتصاد الوطني.
………………………….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى