أعمدة رأي

🛑أَقْلامٌ وأقلام ✒️✒️ 📝

د. صالح احمد البشير صالح

كلُّ قلمٍ يتحدَّثُ بلسانِ صاحبهِ، وحديثُ الأقلامِ ذو شجونٍ، فمهما بلغتْ التقنيةُ من إبهارٍ يظلُّ القلَم متسيِّدًا ساحةَ الكتابةِ، يعانقُ أناملَ الكاتبِ بتناغمٍ عجيبٍ، تتزينُ بهِ الجُيوب ويختبئُ بوداعةٍ بينَ ثنيَّاتِ المحافظِ الشخصيةِ، تَستلُّه سيفًا بتّارًا يحاربُ عنكَ بكلِّ شراسةٍ وإنْ شئتَ جعلتهُ مرسولَ سلامٍ ..
ويُمكنهُ أنْ يكونَ سيَّالا يَطالُ السحابَ شموخًا، ينثرُ مدادهُ كشلالٍ من نورٍ، ويضيءُ الطريقَ في عتمةِ
الليَالي للمُحبطينَ والبؤساءِ والبسطاءِ ..
القلمُ لا يُكسرُ سنُّه، ولا يُراقُ مدادهُ على بساطِ اللامُبالاةِ، إذْ حينَ يُهانُ بالإهمالِ يخشوشنُ نزفهُ ويصبحُ نزِقًا بليدًا تديرهُ الأهواءَ، فيفقدُ قدرتهُ على التغييرِ حينَ لا يُحسنُ التعبيرَ ..
أمانةُ الكلمةِ خطٌّ ناريٌّ وليسَ أحمرٌ فقطْ، يحترقُ فيهِ من يُحاولُ أن يجتازهُ بقلمٍ مأجورٍ، أو قلمٍ وضيعٍ همّهُ النيلُ منْ هذا وذاكَ، ضاربًا بميثاقِ أمانةِ الكلمةِ عرضَ الحائطِ..!
القلمُ الصادقُ الأنيقُ نزفهُ ليسَ كأيّ نزفٍ، إذْ ليسَ أشدَّ وطأةً من حرفٍ ملتهبٍ وَقودُه الأمانةُ وكلماتُ الحقِّ، وليسَ أجملَ منْ نزفِ بعضَ تمتماتِ روحكَ وشيئًا منْ إحساسك ..
كثرتْ الأقلامُ وتبايَنتْ مشاربُها وأهدافُها، وانسكبَ مدادُ بعضِ الأقلامِ ببريقٍ أخّاذٍ ولكنهُ بريقٌ مُزيفٌ وخطيرٌ، حينَ يبدو لكَ ناصحًا أمينًا وهو يدسُّ السمَّ في العسلِ يُظهرُ لكَ مالا يُبطنُ ..!
وأقلامٌ اشرأبتْ أعناقُها ثمَّ عادتْ تجثُو كسِيحةً مسْتسلمةً لليأسِ والإحباطِ، وكأنها تُقرّ بهزيمَتها بلْ يكادُ يخبو بريقَ أقلامٍ جريئةٍ وناصحةٍ..!
حينَ يغمدُ القلمُ النزيهُ فتِّشوا عمَّن كسرَ سنَّه؟! فتهاوتْ أحرفهُ بينَ مائلٍ ومتعثرٍ ..!
وأخرسَ لسانهُ..! فأصبحَ كالميّتِ الذي لا يُحسُّ ولا يعي، ووجّهَ بوصلتهُ فأدخلهُ نفقَ الاستسلامِ فإنْ كتبَ أخطأَ، وإنْ نهضَ تعثَّرَ، وإنْ تكلمَ تلعثمَ، وإنْ أفصحَ تألّمَ..!
فقدْ أعمَوا بسطْوتهم عينهُ وأطفئُوا بريقهُ حتى كادَ أنْ يكونَ قلمًا أخرسًا لا ينطقْ..!
القلمُ الجريءُ لا يخْشى الانتقادَ، ولا الحربَ الضروسَ التي تشنُّ الغاراتَ عليهِ، بهدفِ النيلِ منه وإسكاتهِ، ومن المؤلمِ حقًا أنْ يأتيكَ منْ كنتَ تظنُّه ( الحَكيم ) ويَسقطُ في فخِّ التغاضي فيجرُّكَ ويُسقطكَ في وحلِ مُجاملتهِ حينَ يجبُنُ قلمكَ إلى خطأٍ يقعُ فيهِ ..!
وهُنا يرتدُّ القلمُ على نفسهِ ويتقوقعُ، فليسَ على استعدادٍ أنْ يخسرَ قلوبًا يحترمُ ما كانوا يتبنَّونهُ من نظرياتٍ، يحاربونَ منْ أجلِ قناعاتهِم ومبادئهِم ثم حينَ يصلُ الأمرُ إليهم تبدُو حقيقتُهم ..!
وحينَها يكونُ صرير ُالقلمِ الجريءِ أقوى فيقولُ الحقيقةَ، وأمْضى فَتْكًا بأساطيرِ الخداعِ حتى وإن خسرَ أولئك المُخادِعونَ..!
الكلمةُ أمانةٌ فإمّا أنْ يكونَ القلَم على أُهبةِ الاستعدادِ لتحمُّلِ تبعاتِ نزفهِ وإلَّا فالغمدُ أولى به ..!
احُترمُوا مِدادَ أقلامِكم، فالقلمُ الصادقُ الأنيقُ لا يباعُ في المكتباتِ..
أمَّا حينَ ترتجفُ يدكُ وأنتَ تتأبَّطُ قلمكَ، وتخشى من قولِ الحقيقةِ فلا حاجةَ للناسِ بقلمِك ومن شمال الصحوة بالأبيض سلام دون تطبيل داخل بيتنا دون مرتب ، مرتب الثلاثاء ٧/٢/٢٢٣

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى