تحقيقات

فنكوش الزئبق الأحمر

رضا رفعت

كثيرٌ من الباحثين عن الثراء السريع يقعون فريسة للدجالين والمشعوذين، الذين يزعمون أن الجن يطلب منهم الزئبق الأحمر، وبَعدها يساعدهم فى معرفة مكان الكنوز واستخراجها، وغالبًا تضيع أموال الضحايا بالملايين، شائعات وحواديت وحكايات كثيرة فى هذا الجانب، والحقيقة فيها أنه « مجرد كلام» بحسب علماء الآثار الذين أكدّوا أنه لا وجود لما يسمى بالزئبق الأحمر، ولا علاقة له بالفراعنة، واصفين الأمر بـ «الأسطورة» والخيال المريض.

الدجالون والباحثون عن الكنوز فى أنحاء الجمهورية يبحثون بجنون عن الزئبق، ويقومون بالحفر أسفل المنازل لأكثر من 9 أمتار، ومنهم من راح ضحية الوهم، بعد انهيار المنزل عليه ومات بحثا عن «أمبول» به 3 جرامات ونصف الجرام زئبق فى إحدى المومياوات، مع شائعات أن سعر الجرام منه 25 مليون دولار، ويعتقدون أن الزئبق بأنواعه يستخدم فى عملية «التنزيل» للأموال المسروقة للزبون بعد عَقد صفقات مع الجن.

وحسب زعمهم يقسّم تجارُ الآثار الدجالين إلى علوى يستخدم القرآن فى عملية الكشف، وسفلى يتبع الشيطان ويستخدم الجن فى عمله.

 ويستخدمون ما يسمى الطقش المغربى، ويزعمون أنه إذا تم إشعال النار فيه يخرج منه دخان يخترق الأسقف والجدران الخرسانية، وكذلك الطقش الهندى. وأشياء خرافية أخرى يزعمون قدرتها فى تسيير أعمالهم مثل «سيف الإسلام»، و«كاف إن كاف». ويطلق عليه الكافور الطاير.. ويكون الاتفاق على أن يأخذ الرجال الثلث على الأقل، والثلث لصاحب المكان، والثلث للوسطاء، بعد استخراج الكنز.

هنا يقول خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان: الزئبق الأحمر هو مادة مزعومة ذاع صيتها منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين، ولايزال الكثيرون يؤمنون بوجودها رُغم عدم تحديد ماهيتها أو تركيبتها ولا إثبات وجودها على وجه اليقين.

وقد انتشرت أكاذيب حول علاقتها بصناعة الأسلحة النووية أو أنها توفر طريقة أسهل لصنع القنابل الاندماجية.. ومزاعم كثيرة روجت لها عصابات دولية متخصصة فى سرقات الآثار عن دخوله فى أعمال التحنيط القديمة؛ حيث يوضع مع المومياوات الفرعونية داخل التابوت أو فى قارورات بالمقبرة، أو داخل قطع على شكل «بلح» فى أماكن محددة داخل الجسد وتحديدًا «الحنجرة»، «فُمّ المَعدة»؛ وذلك لتسهيل عمليات البحث عن المومياوات وتهريبها للخارج.

وتابع خبير الآثار: الدجالون أشاعوا أنه يمكن الحصول عليه بعد عَقد صفقات مع الجن ومنحهم جرامات من الزئبق الأحمر مقابل تحديد أماكن الكنوز أو التفاوض مع الجن، إذ قيل إنه غذاء أساسى للجن يمنحه القوة والشباب وقدرات مُبالغ فيها من السحر. وأن من يحمل جزءًا منه لا تستطيع الجن الاقتراب منه، وإن كان ممسوسًا يُشفى، ويفتح النصيب للشباب والفتيات بالزواج. ويستخدم فى علاج العجز الجنسى وشفاء الأمراض وإطالة الأعمار ومنح القوة- حسب أكاذيبهم!.

وأضاف «ريحان»: خزعبلات الزئبق الأحمر استغلتها عصابات الآثار لإقناع البسطاء بأن عملية سرقة المقابر بوحى من الجن والسحر وتستلزم وجود دجالين يقرأون تعاويذ معينة، وأحيانًا يحتاجون دماء أطفال مما يؤدى لخطف أطفال وقتلها وتستغل العصابات حالة الجهل والطمع لتحقيق أغراضها.

طقوس سحرية

مناطق بالوجه القبلى يكون البخور والدجال أبرز الطرُق المستخدَمة للبحث عن الآثار رُغم أنها تتكلف الآلاف بل أحيانًا تصل إلى الملايين.

وتبدأ عملية البحث بإجراء بعض الطقوس السحرية الغريبة مثل إحضار جثة طفل صغير متوفى أو بخور من نوعية معينة، وغالبًا ما يكون « الطقش المغربى»، أو إيهام الناس بمادة حمراء مخلقة كيميائيّا على أنها الزئبق الأحمر من أجل تحضير بعض الدجالين للقراءة وجلب الجن السفلى الذى يحرس تلك الأمانة الأثرية.

والحفر خلسة يتم بتقديم القرابين والدماء البشرية للرصد، كما حدث فى أكثر من مكان وكان ضحيتها شباب صدّقوا هذه الأكاذيب فقدموا قرابين للكشف عن كنز فرعونى.

وفى بعض مناطق الوجه البحرى يستعينون بالسحرة لتحضير الجان لمساعدتهم فى تحديد مكان الآثار، ويعتقدون كلما وجد فراغ فى باطن الأرض فهذا دليل على وجود سكن للجان أو منازل لفقراء عاشوا فى زمن الفراعنة واليونانيين والرومان.

والساحر يستعين بأغلى أنواع البخور، وهذه الفئة عادة ما تحمل أجهزة «لاب توب» عليها صور لأماكن وتماثيل فرعونية ومقابر حقيقية ويوهمون هؤلاء الحالمين بأنها موجودة تحت منازلهم فيبدأون الحَفر؛ وهنا تبدأ المأساة المتمثلة فى عمليات ابتزاز أصحاب المنازل.

فيما أكد «زاهى حواس» وزير الآثار الأسبق، أن الزئبق الأحمر أوهام وأكذوبة ليس لها أساس من الصحة إطلاقًا، وأن قصة الزئبق الأحمر بدأت فى الأربعينيات عندما تم اكتشاف مقبرة القائد «آمون تف نخت» وهو أحد كبار قادة الجيش المصرى فى الأسرة 27 – عمرها 2500 عام- فى سقارة، وتم فتح تابوت ذلك القائد، والعثور داخله على سائل لزج ولم يتجمد ذى لون بنى يميل إلى الاحمرار، ولايزال هذا السائل محفوظًا فى زجاجة تحمل خاتم وشعار الحكومة المصرية.

 وأضاف «حواس»: هذه المادة كانت ثمرة «للفهلوية» ووسيلة للنصب والتحايل على راغبى البحث عن القوة والثراء السريع، بتصنيع بعض المواد وبيعها على أنها «زئبق أحمر»، لكن الحقيقة المؤكدة الدامغة أنه لا وجود لشىء يسمى الزئبق الأحمر، وغير ذلك محض نصب وكذب.

صباح الخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى