أعمدة رأي
د. رجاء شوكت .. تكتب ..الإجراءات الاقتصادية .. الخيار المر
أعلنت السلطات السودانية ، قبل أيام إلغاء الدولار الجمركي كخطوة نحو الحصول على مزيد من امتيازات البنك الدولي الذي أعلن بدوره عشية هذا القرار بأن قرار الإلغاء ينقل السودان إلى المرحلة الأخيرة بإعفاء ديونه والحصول على مساعدات مالية في نهاية الشهر يونيو المنصرم ، وبالفعل أعلن البنك والصندوق الدوليين انضمام السودان في قائمة (هيببك ) الدول المثقلة بالديون وبالتالي يمكنه الحصول على قروض من المؤسسات الدولية .
* ما أراه بغض النظر عن حصول السودان على مساعدة مليارية واعفاء جزء كبير من ديونه وتصنيفه ضمن (هيبيك) أن القرار سيكون له آثار إيجابية آنية لجهة أن تمويل البنك الدولي يستغرق وقتا أطول ، عكس ما يتوقعه بعض الاقتصاديين الذين يظنون أن القرار سيكون وبالا على معيشة المواطن ، ولكن في اعتقادي أن القرار لم يبنى دون الإحاطة بكل تبعاته ومردوده السالب والايجابي ، ولم تفكر الحكومة في هذه الخطوة إلا بعد إجراءات كان ينتظرها الشعب السوداني منذ النظام السابق وهي إعفاء السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج من الجمارك لدرجة صفرية ، وكذلك تخفيضه لأخرى كمالية .
* إلغاء الدولار سيقلل من تدفق الكميات الضخمة من السيارات والسلع المهدرة للعملة الأجنبية ، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذا الجانب في البنى التحتية للانتاج وتوسعة الزراعة والصناعة التحويلية .
* هناك مناهضة شديدة لهذه القرارات بيد أن الأمر المثير للدهشة هل المعارضين للقرار لديهم بدائل لبناء قاعدة اقتصادية قوية لا تتأثر بتغير الحكومات .. الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السودان ليست وليدة اليوم او أمس إنما منذ خروج المستعمر الانجليزي يعتمد السودان رغم موارده الضخمة على الهبات والقروض ، وكان بالإمكان أن يصبح السودان من أقوى اقتصاديات المنطقة إن لم يكن على المستوى الإقليمي والقاري .. لكن التخبط في السياسات الاقتصادية وضبابية الرؤى في البرامج أودى بالبلاد في ذيل الدول الأكثر فقرا في العالم .
* رغم العزلة الدولية ، والحصار الاقتصادي تمكن السودان من تحقيق نسبة نمو جيدة جدا بفضل البترول ، ولكن اعتماد الدولة على البترول فقط في ظل التهديدات الشاخصة باحتمال انفصال الجنوب ، وعدم الاستفادة من عائدات البترول في تطوير الزراعة والصناعات التحويلية ، ادخل البلاد في نفق مظلم ووصل الأمر إلى خروج الشارع ضد الحكومة والمطالبة بإسقاطها بعد أن ايقن أن سلطة الحزب الواحد لم يعد يملك الحلول للوضع المعيشي والتدهور الاقتصادي .