تقارير

مفاوضات سد النهضة

ماذا بعد فشل طاولة كنشاسا .. ؟

الخرطوم : شاهيناز عبد المنعم

ما زال ملف سد النهضة يشغل الجزء الأكبر من اهتمام الشارع السوداني سواء على مستوى الخبراء أوالاعلام السوداني أو الحكومة الانتقالية التي تبحث عن منفذ لاقناع أديس ابابا للتفاوض بآلية جديدة غير التي كانت تدار بها المفاوضات بين الاطراف الثلاث ، وفي سبيل ذلك سعت لايجاد وساطة بالمبادرة الرباعية ، بينما أخذ خطاب الجانب المصري منحى آخر بعد أن فشلت كل السبل الدبلوماسية والتعامل الناعم حسب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي افصح بدون بمواربة بأنهم لن يتهاونوا مع الصلف الاثيوبي في التعامل مع أمنهم المائي وفق حديثه .

فيما وصفت الخارجية السودانية ما تمضي اليه اثيوبيا بانتهاك للقانون الدولي  وأسس حُسن الجوار، وذلك تعقيبا على فشل مفاوضات سد النهضة في كنشاسا في الايام الماضية ، الخارجية السودانية أرجعت سبب فشل اجتماع كنشاسا الى التعنت الاثيوبي ، الذي ما زال يشكل لغزا محيرا لكل المتابعين ، فيما تعتقد وزير الخارجية د.مريم الصادق المهدي أن اثيوبيا تريد ان تضع الجميع أمام الأمر الواقع وعدت مريم ذلك بالخرق الواضح بالقانون الدولي وأسس التعاون وحسن الجوار .

ورفضت إثيوبيا التي تخوض ضد السودان حربا في منطقة الفشقة بشرقي البلاد المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر، بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث، كما رفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات، وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية ، كما رفضت إثيوبيا مقترحاً مصرياً تم تقديمه خلال الجلسة الختامية للاجتماع الوزاري ودعمته السودان بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، وهو ما يثبت بما يدع مجالاً للشك لقدر المرونة والمسئولية التي تحلت بها كل من مصر والسودان، ويؤكد على رغبتهما الجادة في التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح مما أدى إلى فشل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات.

المراقبون أعابوا على الموقف الاثيوبي  غياب الإرادة السياسية للتفاوض بحسن نية وسعيها للمماطلة والتسويف من خلال الاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، وهو نهج  وصفوه بالمؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً ولا ينطلي عليه.

واستبقت الحكومة السودانية الاجتماعات بالتأكيد على حرصها على التوصل لاتفاق قانوني وبرتوكولا ملزما، بشأن تبادل المعلومات  لان الإجراءات الأحادية الجانب ستلحق الضرر بالسودان ويشمل ذلك التأثير سلبا على حياة وسبل عيش ما يقدر بحوالي 20 مليون مواطن سوداني و ايضا على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث.

 ومن ناحية أخرى جدد السودان تمسكه بمقترح الوساطة الرباعية في مفاوضات سد النهضة، والذي سبق أن رفضته إثيوبيا وأيدته مصر.

ويسعى المقترح السوداني لإشراك كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في عملية التفاوض، وذلك بهدف المساعدة في تجاوز الجمود الحالي.وباعتبار انهم فعليا أطراف مشاركة.

وفي الاثناء صرح الرئيس الأثيوبي ابي احمد في خطابه بتمسك إثيوبيا بالملء الثاني للسد. وفي ذات السياق   . أكدت   رئيسة البلاد، سهلورق زودي، إن بلادها “تستعد للملء الثاني لسد النهضة، باعتباره المشروع المهم للتغلب على الفقر في بلدها”.

ووفق خبراء فإن هذه الجولة من مفاوضات سد النهضة كان عبارة  عن لقاء للبحث وايجاد إمكانية حدوث تغيير في موقف أديس أبابا، بيد أن المحصلة كانت مخذلة لكل المراقبين والاطراف الاخرى .

خبراء السدود والمياه ، حذروا من التمسك الاثيوبي بالملء الثاني منفردةً دون إشراك الآخرين أو التوصل الى اتفاق يضمن لبقية الاطراف حقوقها المائية والأمنية ، واعتبر د. محمد الرشيد  خبير في السدود ، بضرورة التوصل الى اتفاق يلزم اثيوبيا بتحمل التبعات المحتملة من سد النهضة سواء على المستوى البيئي أو سلامة السد ، قال الرشيد لـ “رسال نيوز” أن التعنت الاثيوبي ربما من وراءه أمور خطيرة ، لا تريد اديس ابابا الافصاح عنها لتأثيرها المباشر وغير المباشر على السودان ومصر وشدد الرشيد على  ضرورة مراعاة واحترام الاستخدام المنصف للمياه المشتركة دون التسبب في أضرار بموجب القوانين الدولية،  ،  وضرورة التزام اديس ابابا ببرنامج تفصيلي في عملية  ملء منسق او منتظم.

وأضاف الرشيد ” كنت أتوقع أن القمة لن تتوصل إلى أي نقطة التقاء  لأن إثيوبيا ومن المعروف عنها أنها تتمسك بقراراتها وعدم قبولها بالوساطة  الرباعية انها لا تريد أن تتعرض لضغط المجتمع الدولي مما سيضطرها لتقديم التنازلات، وأشار الرشيد  إلى أن هنالك الكثير من الحلول  وان  جزئية تبادل المعلومات ما هي إلا جزئية صغيرة من أجزاء قضية سد النهضة .

وشدد خبراء آخرون في السدود  على حتمية التوصل إلى اتفاق يضمن تطبيق آلية محكمة للتنسيق بين سدي النهضة الإثيوبي والروصيرص السوداني اللذان تفصلهما مسافة لا تزيد عن 100 كيلومتر، مما يعرض السد السوداني لمخاطر كبيرة في حال غياب المعلومات الوقتية .

وبحسب مراقبين فإن الظروف والتعقيدات الحالية المحيطة بملف مفاوضات سد النهضة، ستضغط على الكونغو الديمقراطية، للعمل على استعادة زمام المبادرة وإنجاح الاجتماع الثلاثي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى