رياضة

ومستغربين ليه..!

تأمُلات

كمال الهِدَيْ

كمال الهِدَي

كثيراً ما تمنيت أن يكون للرياضيين دوراً فاعلاً وملموساً في التغيير المنشود، خاصة بعد ثورة ديسمبر المجيدة.

فالملايين التي تهتم بكرة القدم وحدها دون ضروب الرياضة الأخرى كان من الممكن أن تؤكد على أن شبابنا البواسل الذين ضحوا بأرواحهم الغالية كانوا يحلمون بثورة وعي حقيقية تجتث كل أمراض وعاهات (لا نظام) الثلاثين من يونيو البغيض.

لكن المؤسف أن الرياضيين ظلوا على حالهم القديم، إن لم يفرطوا أكثر في نشر الكراهية والبغضاء والمزاح الثقيل واهدار الوقت فيما لا طائل من ورائه في وقت رفعنا فيه شعارات براقة مثل (حا نبنيهو).

“زناطير” و” دلاقين” وما دونها ظلت هي المفردات الرثة المتداولة بكل فخر واعزاز وكأن الرياضة ساحات معارك لا وسيلة ترويح وتهذيب للنفس.

ظل أهل الرياضة يروجون لأنفسهم كمجتمع محبة وود ووئام، لكنه مجرد كلام والسلام.

فالواقع غير ذلك تماماً حيث انغمس الكثير من الرياضيين في فساد الإنقاذيين حتى أخمص أقدامهم ومارس العديد من الإعلاميين الرياضيين كافة أشكال التضليل وهللوا وطبلوا للمفسدين لدرجة وصف قاتل مثل (الساقط) البشير بالرياضي المطبوع، مع أنه لم يقدم للرياضة (فتفوتة)، فحتى أراضي المدينة الرياضية سُرقت في عهده كالح السواد.

وما أن نجح شبابنا الشجعان في إزاحة الطاغية ونظامه الكريه (جزئياً) عن المشهد سارع العديد من الرياضيين لركوب الموجة وصاروا يحدثون الناس عن الثورة والثوار والمتاريس وضرورة محاسبة المفسدين.

لم يثبتوا في يوم أنهم دعاة فضيلة وقيم أو وطنيين تهمهم حقيقة مصلحة هذا البلد الذي بات قاب قوسين أو أدنى من التشرذم والضياع الكامل.

حتى الكلمات الجميلة التي نظمها الشاعر والإعلامي القامة دكتور عمر في الرياضيين وأهل قبيلته الحمراء تظل مجرد معانٍ تبحث عنها روح الشاعر الجميل، لكنها لم تتمثل على أرض الواقع اطلاقاً كما نتوهم.

فأنصار جمال الوالي يحاربون مؤيدي سوداكال وإن أدى ذلك لدمار المريخ.

وفي الهلال يبذل أنصار الكاردينال كل ما بوسعهم من أجل افشال السوباط ومجموعته.

وفي مجال الإعلام الرياضي هذا (يحفر) لذاك وذاك يضرب هذا تحت الحزام.

وحين تلوح لحظات التجمل والنفاق والرياء يكلمونك عن التآلف والتضامن والمحبة، وكأن القيم والمباديء أمور يمكن تجزئتها بهذه البساطة.

منذ بداية بطولة أفريقيا الأَولى التي قدم فيها الغريمان أداءً باهتاً تذيلا بعده مجموعتيهما، لم يتعد هم أنصار كل معسكر السخرية من المعسكر الآخر.

لذلك كان من الطبيعي أن يخرج الناديان بخفي حنين.

والمثير للإشمئزاز أنه بعد هذا الخروج المهين ما تزال المعارك الكلامية على أشدها وكأن أحدهما قد حقق ما يستحق عليه الإشادة.

الخيبة واحدة، فما الداعي لإستمرار التهاتر يا قوم!

والعجيب أن هؤلاء الرياضيين يستنكرون العصبية القبلية، والتناحر السائد بين السياسيين، ويتوقون لوئام بين مختلف المليشيات والفصائل المسلحة ويعبرون عن رفضهم لقتل الأبرياء.

مستغربين ليه يا عالم إذا انتو في لعبة ما قادرين تحققوا هذا الوئام، فما بالكم بمن صار لهم التناحر والقتل مهنة ووسيلة لكسب العيش!!

ما لم نصدق مع أنفسنا ونغلب مصلحة كياناتنا ووطنا ونكف عن هذا الزيف المستمر منذ سنوات لن ينصلح حالنا، وسيأتي علينا يوم نبكي فيه وطناً لم نحافظ عليه ك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى