الأخبار

🚫الخروج من الورطة

✏بقلم الاستاذ/ سعد محمد أحمد

نعم انها الورطة بكل تجلياتها الراهن السوداني السياسي والاقتصادي والأمني وشعب مغلوب علي أمره مايدور بين المجلس العسكري واللجنة المركزية وكل منهما يمني نفسه بالتاكيد والمكر السيئ لم تغادر عقلية أمن النظام المخلوع ووصل الشعب الي قناعة لا بديل للثورة الا الثورة ولكن بسيف شرعيتها التي افقده المؤامرات الدولية والمحاور الإقليمية والمحلية والاتفاقات الباطلة اعيد لكم ما كتبته في ١١ أبريل ٢٠١٧ لأن في التاريخ عظات وعبر
هناك حالات يستعاد فيها التاريخ أو يتكرر خارج نطاق الثنائية التراجيديا والكوميديا تبعا للتصنيف الماركسي إنها تجيلات واصداء يصعب إختزالها فى مصطلح أو خانة ثالثة ما تسميه الذاكرة الاثمة هو من تلك التجليات وعادلة الصراع يتغير ويصبح الشعب هذه المرة عرضة للنفى خارج التاريخ وعلى الذين لا يدركون خطورة تجريف السياسة عليهم أن يقرأوا جيداً المشهد السياسي الراهن وتكريس الثقافة لحكم الفرد والاب الروحى والزعيم الملهم ولنقف على مالات الراهن يحكى «أن فاراً جبانا التقي بساحر يعيش فى قلب الغبة السوداء فتوسل اليه الفار أن يسحره فى شكل قط كي يستطيع أن يعيش فى الغابة لان خوفه من القط يرعبه ويمنع من ممارسة حياته الطبيعية فيظل معظم الوقت هاربا من الممرات الضيقة المظلمة وبالفعل استجاب الساحر الملول وجعله فى شكل قط لكنه عاد بعد يومين يشكو للساحر رعبه من الكلاب وتوسل اليه أن يجعله فى هيئة كلب واستجاب الساحر الطيب ليفاجأ به بعد يومين يعود شاكيا خوفه من النمر والضبع والاسد وكل الحيوانات المفترسة ويتوسل اليه أن يجعله اسداً».
ضحك الساحر ضحكة هائلة انتبهت لها كل أشجار الغابة واعاد الفأر إلى صورته الأولى وهو يقول له مهما تغير شكلك وجلدك أيها الجرز فان قلبك سيظل قلب فأر ولن تتصرف تصرف الشجعان لمجرد أنك ارتديت ملابسهم وحملت القابهم عندما سارع البعض بالهجرة إلى قاعة الصداقة قلنا لهم دستور صداقة 1998م مع دستور التوالى الذى أنجز داخل القصر نموذجاً وقلنا التوبة لا تعرف طريقا لهم ظنوا وقتها أنهم ينتقلون من الحكم الشمولى إلى حكم أصلاحي الذين يستحقونه جزاء وفاقا لسنوات طويلة لازالة هذا النظام الشمولى يومها قلنا لهم هذا مستحيل أنتم واهمون لو حلمتم أو تصورتم أنكم ستدخلون قصر الحاكم وقد دانت لكم البلاد والعباد وقتها قلنا لكم أن تفيقوا قبل فوات الأوان واضعوا يدكم فى يد الشعب وقواه الحية المنحازة للمستقبل وليس للماضى أذهبوا إلي الشارع الثورة هي الحل وغير ذلك أوهام لتجريب المجرب واعادة الماضى لم تكن ما تفوهنا به وسطرناه نبوءة عراف لكنها استقراء لحقائق القوة على الأرض وقواعد التدافع السياسي الاجتماعى فى السودان عبر ما يقرب الثلاث عقود من الزمان.
عندما خان أهل المشروع الحضارى التداول السلمى للسلطة والحكم والحرية والديمقراطية وسولت لهم اطماعهم إنهم قادرون على الانفراد بحكم البلاد وفرض طبائعهم وإختياراتهم أدركنا وقتها أن السودان سيدخل قفص الحكم الاستبدادي من جديد بعد انتفاضة ابريل وبدأت صيغة حكم هذا الوطن أكثر رسوخا مما أعتقد القادمون وبعد سنوات التمكين ثم التحول إلى الانفتاح والتحرير الاقتصادى اكتشفوا أن الداء تمكن أكثر من الوطن وان جسد البلاد لا يزال حيا يتململ ربما فقراً وقهراً لكنه لم ولن يموت فاصبحوا يبحثون شرقاً وغرباً وجنوبا وركوعا وسجوداً لاسيادهم لضمانه سلامة وجودهم وحياتهم وسلامتهم وسلامة ما أكتنزوه.
لايهمهم الحال الاقتصادى المازوم والامن المفقود الحال الاقتصادى المازوم والامن المفقود وتقاتل القبائل مع بعضها البعض والناس تثور والنظام مشغول بحرب اليمن والمناورات العسكرية ضد من؟ يحتاج للاجابة ولصالح من؟.
هل سيقبل الشعب بأن يدخل بيت الطاعة بعد كل تلك الممارسات وخطط الافقار والاكراه. ماذا تعنى أن تسأل الناس عن تكوين حكومة!! تجربة الماضي القريب تقول لنا أنه فى اللحظة التى ظن البعض أن هذا الشعب قد مات خرجت علامات الحياة تصرخ من كل بقاع السودان هذا الشعب لا تنقضي عجائبه قد يخدعكم صبره وصمته لكنه لازال فى جعبته الكثير ولتعلمن نبأة بعد حين.
بعد الازمة السياسية والامنية التى تعيشها البلاد هي ازمة إقتصادية وازمة فرص عمل وازمة انتاج للقيمة المضافة كل هذا يعطل الحراك الشعبي وهذا ما يقصده النظام فضلا أن السودان دخل فى أمور ما كان له أن يكون طرفا فيه له من التحديات الخارجية والتحديات الداخلية ما يفوق قدراته والمؤشرات الاساسية هي العجز المزدوج عجز ميزان المدفوعات وعجز الخزينة العامة وهذا يترجم بتفاقم الدين العام.
الموازنة تحتاج إلى تصويب فعلى للانفاق أو اعادة هيكلة الدين العام. يعرف المشروع بأن الموازنة بكونا صكا تشريعيا تقدر فيها نفقات الدولة وايراداتها من خلال عام كقاعدة بناء دولة ويجيز من خلال المجلس النيابي للحكومة للانفاق والجباية على تنظم هاتان العمليتان ضمن اطار الرقابة التى يمارسها ديوان الحسابات من خلال التدقيق بالحسابات المالية والتصديق عليها والموافقة على صرفها اضافة إلى مساءلة السلطة التشريعية على مدى تقيد الحكومة بالاعتمادات وإلا تكن الرقابة شكلية.
فى واقع النظام السودانى تحول الانفاق والجباية على أساس تصاديق دون التقيد بالموازنة ودون أي اعتبارات ما جعل الدولة متفلتة من اي نظام محاسبي فاستمرت السلطة التنفيذية طوال تاريخها بالجباية والانفاق دون اجازة من السلطة التشريعية ومن دون مطابقة الحسابات فى ديوان الحسابات علما بأن الحسابات المالية النهائية المصدق عليها من قبل ديوان الحسابات تعبر عن تقيد الحكومة بالجباية والانفاق بفضل وظائف التمكين وهي شرط لمنح ابراء ذمة واجازة جديدة للحكومة لتنفق وتجبى الاموال العمومية.
أن الهدف من قيام الدولة اضافة إلى تنظيم العلاقات المجتمعية وتحقيق أمن المجتمع هو تحقيق الخدمات العامة التى يصعب توفيرها من اليات المجتمع والسوق غير تكليف المواطنين ضرائب لتوفير هذه الوظائف العامة التى قد تتوسع وتشمل الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية للمواطنين والمواطنات اذن الضريبة هي عمل سياسي تفرضه الدولة لاحداث تعديل فى المؤثرات التى تتحكم بالسلوك المجتمعي من خلال الموازنة التى تستخدم فيها قدراتها المادية جباية واتفاقا.
فى موازنة 2017م الحالية لم تحدث التحولات الطارئة على المجتمع السودانى لتغيير النهج القائم وابرزها انفصال عن محيطه بحكم الازمات مع انخفاض الانتاجية ودخل الفرد بنسبة تتجاوز الـــ50٪ حيث إنخفاض سعر النفط عالميا إلى النصف ومع ذلك بقيت اسعار المحروقات على حالها بل زادت وظيفة الدولة تقديم الخدمات العامة مقابل ترتيب ضرائب لقاء الحصول عليها إلا أن المكلف يدفع الضريبة دون الحصول على الخدمة المتوقعة إضافة إلى ذلك تعد الضرائب الغير مباشرة اكثر من الضرائب المباشرة وهى تتمثل بالرسوم الجمركية وفواتير إتصالات الجوال والقيمة المضافة بحيث تظهر على شاكلة غلاء اسعار ما يعنى أن مستوى الجباية عال ولا يختصر فقط بما تظهره الارقام.
نجحت الموازنة الحالية فى نسف أي تصحيح مرتقب للنظام الضريبي السودانى يحقق عدالة اجتماعية مفقودة ويعيد توزيع الثروة إذ يتم هذا النظام الضريبي بسمات واضحة فهو يكافئ الريع والربح ويعاقب الانتاج والعمل يكافي من يملك «الثري» ويعاقب من لا يملك «الفقير» وبالتالى العبء الفعلى لهذا النظام الضريبي يقع علي أصحاب المداخيل الصغيرة والمتوسطة فيما تتفلت الارباح والريوع من اي ضريبة تذكر وهو ما أسهم بالتزامن مع تورم الدين العام وانتفاخ القطاع المالى ففى تركز الثروة لدي قلة من كبار المودعين والمصرفين والمضاربين على أسعار العقارات وكبار المستوردين إذ أن رسوم تسجيل الاراضي يتكبدها المشترى وليس البائع إذ أن المضاربين وكبار الملاك يتهربون من تسديد رسوم التسجيل.
يرفض المضاربون على أسعار العقارات فرض اي ضريبة على أرباحهم هؤلاء يمعنون فى حرمان المواطن من حقه فى السكن ولا يكتفون بذلك بل يحصلون على دعم مباشر من المال العام عبر تحفيز الفروض لشراء المساكن وهذا ما يكشفه المراقب وراء الحملة المسعورة باعادة التمويل العقارى الاستثمارى من المصارف من قبل رجال المال بدلا من تمويل مشاريع انتاجية زراعية وصناعية أو سكن جماعى ولا يحتاج المرء إلى القيام بدراسات معمقة لاخذ صورة واضحة عن وضع سوق العقارات فجولة ميدانية كفيلة بايضاح هذه الصورة وخصوصاً ان ورش البناء شغالة باستمرار بعدها حول المطورون العقاريون الانتاج من الوحدات الكبيرة إلى وحدات صغيرة ومتوسطة ليناسب العرض الطلب فى السوق المحلية وهو طلب مرشح للارتفاع رغم القيمة المرتفعة التى يعجز الفرد عن امتلاكها أو السكن فيها.
بروغندا الركود والبيع القليل الذى يروج لها المستثمرون فى قطاع العقارات تدحضها الارقام نفسها وهو رقم مرشح للإرتفاع كونه لا يشمل البيع على الخريطة ولا البيع بموجب وكالات بيع التى لا يجرى تسجيلها فوراً ولكى نصل إلى دوامة ايجابية وما يمكن ان يكون سيناريو للخروج من المحنة السودانية التى طالت لعقود لابد من وضع الحوكمة كاساس وتحسينه وان نقوم بدولة ومؤسسة قادرة على تحمل مسؤولياتها فى فترات صعبة يواجها السودان ثم وقف الهدر والفساد والاصلاح على مستوى الموازنة والمستوى الضريبي الذى يمكن أن يؤمن اعادة التوزيع الاصح داخل المجتمع السودانى أن كنا نريد إعادة الاقتصاد والقطاع المالى على أسس صحيحة وتحفيز النمو وفك النقاط التى تحقق النمو وخلق العديد من فرص العمل وذلك بمشاركة الجميع وخلق شبكات الضمان الاجتماعى التي تؤمن للسودان الطاقات البشرية الضرورية للنهوض بالاقتصاد وأن نفك الحظر المصرفى لتمكين نظامنا المصرفى والمالى من علاقاته مع بقية العالم حتى لا نستضيف يوما ما ونرى أن العالم لايريد بعد ذلك أن يتعاطي معنا ليس لأننا الأسوأ من غيرنا بل أن حجمنا متواضع وخاطرنا اكثر مما هم يريدون أن يتحملوا أفيقوا من سياساتكم الرعناء ففيها مخرج للبلاد من هذه الازمة الاقتصادية والاحتقان الامني والسياسي.
……………………………………

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى