مقالات

أبو القاسم عوض عثمان يكتب ع: فتح مصر..!

صورة تعبيرية

كان الدافع الظاهر لفتح مصر هو خوف بعض قادة المسلمين من لجوء الدولة الرومانية، بعد هزيمتها في فلسطين والشام من قبل المسلمين، من إستغلال إمكانيات مصر الخاضعة لها لمحاولة إسترداد هاتين المنطقتين، خاصة بعد هروب حاكم بيت المقدس القائد الروماني الداهية أريطيون إليها. فقطع الطريق أمام الدولة الرومانية، في سبيل إسترداد فلسطين وبلاد الشام، كان هو الهدف البارز.

تحرك عمرو بن العاص وجيشه، الذي يتراوح عدده بين الـ3500-4000 جندي، وخاض عدة معارك كان النصر حليفه فيها، وبعدها جاءه المدد من بلاد الحجاز بقيادة الزبير بن العوام، وإختلف الرواة في عدده، منهم من يذهب به إلى 4000 ومنهم من يزيد. المهم في ما بين نوفمبر وديسمبر 641م تم فتح مصر، ولما عاد عمرو بن العاص من فتح الإسكندرية، ونزل موضع الفسطاط، حدث تنافس في مواضع النزول مما أدى لتدخل عمرو بن العاص، وتكليفه عد أربعة أنفار لوضع الخطط (الأحياء/المنازل) للقبائل العربية، كما يلي:

1- وُضِعَت خطة الأهل الراية، والتي كان أفراد قبائلهم لقلة عددهم لا يمكن وضعهم في خطة منفصلة بهم مثل غيرهم، وهم جماعة من قريش والأنصار وخزاعة وأسلم وغفار ومزينة أشجع وجهينة وخرش بن كنانة وثقيف ودوس وعبس بن بغيض وليث بن بكر والمنتقاة. فديوان الجند أو ديوان العطاء لا يمكنه أن يدعو أفراد قبيلتهم منفردين لقلة عددهم.

2- خطط أو منازل لخم، وهي خطة لخم بن عدي بن مرة بن أدد ومن خالطهم من جذام، وتبدأ من نهاية خطة الراية وتصعد ذات الشمال إلى سوق بربر وشارعه مختلط مابين لخم والراية.

3- منازل أو خطط مهرة بن حيدان بن عمرو بن إلحاف بن قضاعة بن ملك بن حمير، وإختطت مهرة أيضاً على سفح الجبل الذي يقال له جبل يشكر.

4- خطة تجبيب، وهم بنو عدي وسعد إبني الأشرس بن كندة.

5- خطة اللفيف وبني رية، وخطة أهل الظاهر، وهم جماعة من القبائل ومنهم جماعة من الإزد ويلقبون بالعتقاء، وكانوا من القطاع وتم أسرهم في عهد النبي صل الله عليه وسلم، ثُمَّ عَتَقَهم النبي عليه الصلاة والسلام. كما نجد في هذه المنزلة جماعة سويقة العراقيين، وهم جماعة من الأزد، غربهم زياد بن معاوية لمصر في عهد ولتية مسلمة بن مخلد عام 53 هجرية، ونزل منهم في هذا المنزلة 133 فرد.

كما نجد منازل غافق بن الحارث بن عك بن عدنان، ومنازل الصدف وهو مالك  بن سهل بن عمرو بن قيس بن  حمير، ودعوتهم مع كندة في ديوان العطاء أو ديوان الجند، ومنازل مذحج من بني كهلان، ومنازل غطيف من مراد من مذحج، ومنازل خولان، ومنازل ذي الكلاع والمغافر وسبأ ويحصبه ووعلان والمغافر والرحبة، وبني وائل بن زيد بن مناة بن أقصي بن إياس بن حرام بن جذام، ومنازل بلي وبني فهم وعدوان، وبعض من الأزد. ومنازل بني روبيل، وهم من اليهود المسلمين وحضر الفتح منهم 1000 رجل. إضافة إلى خطة بني الأزرق من الروم وخطة، أو منازل الفارسية، وهم فرس كانوا من بقايا جند باذان عامل كسري على اليمن، وأسلموا بالشام وشاركوا في فتح مصر.

الواضح أن غالبية القبائل العربية كانت من قحطان، وفي العهد الأموي عمل الأمويين على إدخال القبائل القيسية العدنانية إلى مصر، حيث سمح لمتولي خراج مصر، عبد الله بن الحبحاب، من قبل الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، بإلحاق خمسة آلاف بيت قيس لمصر، وتحويل ديوان عطائهم لمصر وأكتمل تهجير الخمسة آلاف في عام 131هجرية، حيث عملوا في الزراعة والتجارة بعد إمتناع أسباب المنع، وكانت غالبية القبائل القيسية من فزارة وبني هلال وبني سليم ومضر وهوازن، بعد أن كان وجودها مقتصر على فهم وعدوان. وكذلك نجد أنه في عهد الخليفة العباسي، المتوكل على الله وبعد عام 240 هجرية، أنه قد تدفقت أعداد كبيرة من ربيعة لمصر وتوزعوا في أنحائها. كما إزدادت هجرات عرب جهينة إلى أرض مصر، خلال ولاية عقبة بن عامر في منتصف القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي، وتوجد على شواهد القبور في الفسطاط ومنطقة الصيرة جنوب القاهرة، وكذلك بالصعيد خاصة في مدينة أسوان، توجد عليها أسماء وقبائل المتوفين، مثل قبائل/جهينة وقريش وقيس وحضرموت وخولان وبنو زهرة وحمير وبنو كلب القضاعيين، وهذيل ولخم وسهم خاصة في شواهد القبور التي تعود للقرنين الأول والثاني الهجري.

وقد قيل أن أعداد العرب بمصر أيام الدولة الأموية (40/132)  هجرية الموافق 660/751 ميلادية، وتحديداً في خلافة معاوية، قد بلغت 40 ألفاً، كما بلغت حامية الإسكندرية حوالي 12 ألف من الجند العربي، وزادت لتصبح 27 ألف في تلك السنين. ويشير البعض إلى أن عدد القبائل التي إستقرت بمصر، سواء إبان الفتح أو بعده، بلغت نحو 244 منها 30 قبيلة من عدنان و30 بطن منهم، بينما كانت تضم 61 قبيلة قحطانية و111 بطن منهم. والواضح أنه قد حدث تغيير ديموغرافي لمعظم النواحي المصرية، بعد التمدد التجاري والزراعي للقبائل العربية ومصاهراتهم للسكان المحليين.. يتبع.

المراجع لمن يرغب في الإستزادة:

  • قبيلة جهينة ودورها الحضاري في مصر وسودان وادي النيل منذ القرن الثالث وحتي التاسع الهجري.
  • تاريخ دولة الكنوز الإسلامية.
  • عمرو بن العاص تأليف عباس محمود العقاد.
  • القبائل العربية التي غزت مصر بقيادة عمرو بن العاص مقالة للمؤرخ عزت أندراوس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى