مقالات

إدراج المسنين في التنمية

 

د. عزيزة

إن قطاعاً مهماً من المسنين يتمتع بصحة جيدة وفاعلاً اقتصادياً مما يشكل قيمة مقدرة للبلاد، إلا أن المنهاج البيروقراطي للتقاعد لا يمنحهم فرصة الدخول في ميدان العمل رغم ما يملكون من تجارب ثرة وصلات متنوعة تيسر الوصول الى الوظائف الكبرى.

المسنون حين يتوقفون عن العمل دون تشغيل طاقاتهم واستثمار إمكاناتهم سيصابون بالكثير من المشكلات المرضية منها النفسية والجسدية، فلابد للمسن ان يواصل في القيام ببعض الأعمال المناسبة, وذلك ضمن نطاق تنموي اجتماعي.

إننا عبر تخطيطنا لهؤلاء نستطيع أن ندخل هذه القوة الكبرى إلى ميادين العمل المنتج والبناء الروحي للمجتمع، كما إن دخولهم في مختلف الميادين يخلق لديهم الإحساس الدائم بحاجة المجتمع إليهم ويقيهم الكثير من أعراض الوحدة والوحشة والعزلة.

تتأثر حياة كبار السن بالعديد من العوامل الاجتماعية والثقافية الاقتصادية والنفسية، فالمجتمع الذي تسوده الأنانية والمصلحة الضيقة, لن يجد المسنون فيه رعاية لائقة ومناسبة، كما أن المجتمع الذي تسوده قيم العدل والإحسان والإيثار, فإنه سيبدع في الكثير من أشكال الرعاية لكل الحلقات الضعيفة في المجتمع ومن ضمنهم كبار السن، لذلك فإن مجموع العوامل الاجتماعية والثقافية, تؤثر سلباً أو إيجاباً في مستوى الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للمسنين.

في العقد الاخير زاد السودان تردياً، حيث تراجع مستوى الخدمات وتدنت الدخول، وتنامت الهجرة من الريف إلى المدن.  ويتأثر المسنون في السودان بارتفاع اسعار المواد الغذائية مع ارتفاع أسعار الدواء، وإحجام المرضى عن العلاج لغلو ثمنه، عندها تضافرت كل هذه الظروف مجتمعة، فزاد تدهور الحالة الصحية وزاد القلق والاكتئاب.

من الضروري الاهتمام بالمسنين، لا باعتبارهم فئةً تبعية تلقي بثقلها على المجتمع، بل باعتبارهم مجموعات قدمت معونات كبرى إلى الحياة الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية لعوائلها، وما زالت تستطيع أن تقدم ذلك وتشارك في التنمية  بشكل مقدر. التوظيف يساعد كبار السن، ويمنحهم مكانة أسرية واجتماعية، ومن اللازم
العمل على  تمكينهم  للارتقاء بامكاناتهم في المشاركة في التنمية.

إن تقزيم أفعال الاباء والاجداد والسعي الى تغييبهم وتهميشهم، بحجة أنهم لم يعودوا ذوي صلة بالعالم والمجتمع أمر خاطئ، لأن المسنين يبدعون ويتربعون في أعلى المقامات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. فعقل الانسان يتطور ويبدع بمرور الزمن، وهذا يزيده ألقاً ووهجاً وتنوعاً في العمل الإبداعي، وليس من المنطق تهميش وتغييب المسنين عن العمل. ويمكن للمسنين أن يشاركوا في الحياة العملية والاجتماعية والثقافية والايدولوجية، بأعمال تربوية تعليمية ومهنية وجوانب حياتية مهمة.

إن معظم المشاكل التي يعاني منها كبار السن مرتبطة بفقدان العطاء في فترة التقاعد، وعلى ذلك فهناك ضرورة ملحة لإيجاد وظائف اجتماعية بديلة، ليكتسبوا منها إشباعا كبيراً لأنفسهم ولدفع التنمية الاجتماعية إلى الأمام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى