
البروف أوشيك واللاجئين الإريتريين بشرق السودان

عمر طاهر أبو آمنة
كلمة البروفيسور البجاوي والأستاذ الجامعي، عالم المخ والأعصاب الطيب الطبيب الإنسان، أوشيك أبو عائشة عن قضية تَجَنُّس وتجنيس اللاجئين الإريتريين بشرق السودان، في لقائه بقناة الهلال أثارت حفيظة أولئك اللاجئين، سواء الموجودين معنا هنا بالسودان أو المقيمين بالخارج. حيث شَنَّ أولئك اللاجئين، مجتمعين ومتفقين، هجوماً عنيفاً ومنظماً ومرتباً على البروف، وقالوا في شخصه ما لم يقله مالك في الخمر، وكأن ذلك النعيق والنهيق ضده سيغير من الواقع المعروف شيء!
البروف صراحةً لم يأتِ بأي جديد، وهو ليس أول من تناول هذا الموضوع ولن يكون الأخير بالطبع، فقد ظل المجلس الأعلى لنظارات وعموديات البجا المستقلة، ممثل قبائل البجا الشرعي بشرق السودان، يطرق هذا الباب ويطالب حكومة السودان مراراً وتكراراً، ودون كلل أو ملل، بمراجعة الهوية في شرق السودان، ليتم فرز السودانيين الأصليين من المتسودنين الجدد، خاصةً بعد ادعاء أولئك المتسودنون (اللاجئون)، بأنَّ لديهم مملكة في أرض البجا بشرق السودان، دون أن يرمش لهم جفن، ودون أن يدركوا عواقب تلك الادعاءات التي لم يسمع بها الأولين والآخرين، ولن يسمع بها اللاحقون ولا (لاحقو اللاحقين) إن شاء الله. ولقد وجدت تلك المملكة (الوهمية) المزعومة، الرفض القاطع من جميع قبائل البجا، السكان الأصليين لشرق السودان، كما هو متوقع، وحدثت بينهم وبين مكون مُدَّعي المملكة إشتباكات هنا وهناك، بسبب تلك الإدعاءات الباطلة التي لا يسندها تاريخ ولا واقع، وراح ضحيتها الكثير بين الطرفين!
ولمن لا يعلم، فإن قبائل البجا أرضهم مقسمة بينهم كنظارات، وداخل النظارات كقبائل، وداخل القبائل كفروع، ويعرفونها جيداً ولا يفرطون في شبرٍ فيها، ومستعدون للموت فيها كما ماتوا دفاعاً عنها، وفي سبيل الحفاظ عليها قبل آلاف السنين، ولا يسمحون لزيدٍ أو عبيد بادعاء امتلاكها. فمجرد إدعاء الملكية يعتبر خط أحمر دونه الموت، وهذه هي عقيدتهم وتقاليدهم وعُرْفَهم في الأرض، وبحوزتهم الخرائط والوثائق التي تثبت امتلاكهم لها، وكل الحروبات والمعارك التاريخية التي حدثت داخل البيت البجاوي، كان سببها الأول والأخير الأرض، فهكذا حالهم في ما بينهم، وهكذا قدسية الأرض عندهم، فكيف يسمحون لغرباء بادعاء امتلاك أرضهم، إنه المستحيل بعينه!
اللاجئون الإريتريون بشرق السودان أو خارجه، لم يعترضوا على كلام البروف أوشيك، ولم يقدموا حجج أو براهين تنفي الحقائق التي ذكرها وتثبت العكس، لأنهم يفتقدون الحِجَج والبراهين الدَّاعمة لادعاءاتهم الباطلة، وفاقد الشئ لا يعطيه كما يقولون. وإزاء افتقادهم للمنطق والمقارعة المتحضرة، عمدوا لتوجيه الشتائم والإساءات الشخصية للبروف المحترم أوشيك، وعلى العكس مما خططوا له، فإنَّ شتائمهم وإساءاتهم عكست انحطاطهم، وأثبتت للجميع صِحَّة إفادات البروف وأن كلامه كان حقائق دامغة لا لبس فيها، وعلى الدولة السودانية ألا تكتفي بالفرجة على هذا الواقع، ويتحتم عليها القيام، عاجلاً وليس آجل، بمراجعة الجنسيات والأوراق الثبوتية بشرق السودان، لمعرفة السودانيبن الأصليين من المتسودنيين (اللاجئين)، ومن ثم التعامل مع اللاجئين بعد معرفة أعدادهم وفقاً لقانون اللاجئين الدولي. فالكيزان منحوا هؤلاء اللاجئين وغيرهم، الجنسيات السودانية على طبقٍ من ذهب، إمعاناً في ظلم البجا وتهميشهم، ولاعتبارات سياسية في إطار مشروعهم (الوهمي) الساقط، والآن الوقت مناسب تماماً، بل يتطلب القيام بمُراجعة الجنسيات والتعامل مع هذا الملف السيادي (الخطير) بحزم وحسم وسرعة، دون تلكؤ أو مجاملة.
وليعلم لاجئو إريتريا بشرق السودان، بأنه لا توجد مواطنة في العالم يمكن منحها أو إثباتها بالشتائم والإساءات، وبتوعد وتهديد كل من يتطرق لهذا الملف، بالويل والثبور وعظائم الأمور، على نحو ما فعلوا مع زعيم البجا وناظر النظار محمد الأمين ترك، ومن بعده مع العالم واستشاري المخ والأعصاب، والأستاذ بجامعة الخرطوم البروفيسور أوشيك أبو عائشة، الذين تعرضا لهجوم (شتائمي) قبيح، يفضح انحطاط ووضاعة أولئك الدُخلاء ويُثبت عدم انتماءهم لأرض السودان. وليعلم أولئك اللاجئين أيضاً، بأن المواطنة لا يمكن انتزاعها من دولة ذات سيادة، وليست دولتك الأصلية، بالشتائم وبحمرة العين. وليعلم السودانيون، سواء الحكام أو الشعب، أن وجود اللاجئين الإريتريين في شرق السودان، قضية دولة في المقام الأول وليست قضية قبائل البجا السودانية وحدهم، الذين صبروا على أولئك اللاجئين الإريتريين ردحاً من الزمن، وحينما تصاعدت ادعاءاتهم الباطلة وبلغت حدوداً غير مسبوقة من السفالة والانحطاط، اضطر البجا إلى مطالبة الدولة بمراجعة الهويات، حتى تعود الأمور إلى نصابها حتى يكون شرقنا الحبيب بعيداً عن الفتن، وفي مأمنٍ من الاقتتال الذي يحدث بين الحين والآخر، بسبب هؤلاء المتسودنيين الذين تكمن خطورتهم بأنهم يملكون سلاح لا يتوانون عن استخدامه ضد الطرف الآخر كما حدث في السابق.