مقالات

إشكالية كتب الحديث من مُعوقات النهضة في عالمنا الإسلامي

د. عامر عباس حمد

أ.د. عامر عباس حمد [*]

شكّل الإسلام والبعثة المحمدية في جزيرة العرب نقطة فارقة ليس في تاريخ الجزيرة العربية فقط ولكن في تاريخ البشرية ككل على إمتداد التاريخ والجغرافيا ولا يزال تأثيره مستمراً وفاعلاً؛ وسيظل…

والإسلام يقوم على مجموعة تعاليم وأصول مستمدة من القرآن الكريم المصدر الأول ثم السنة المحمدية المصدر الثاني وهما الأصل والعمدة وما أضيف لهما لاحقاً إنما هو إجتهاد قارب أحد هذين المصدرين فأصاب أو أخطأ … وسنة الرسول عملاً وسيرةً كانت تعرف لدى الصحابة بالعمل والإخبار، ثم إصطلح المحدثّون لاحقاً على تسمية كلام النبي بالحديث و السنة ؛ فهو مما أُستُحدث مما لا تعرفه اللغة قبلاً…

والقرآن كله قطعي الثبوت ، والقليل النادر منه قطعي الدلالة .. بينما السنة قليل منها هو ما يستحق أن يوصف بأنه قطعي الثبوت ، وهو ما تعلق بجزء منها وهو ما يعرف بالسنة العملية كالصلاة والحج والصيام والزكاة ..الخ وأغلبها ظني الثبوت خاصة ما تعلق منها بفرع الحديث .. إذ تنقسم السنة لفروع عدة : عملية ، قولية، عبادات ، عادات ، تقريرية …الخ.

والسنة على العموم ليست كالقرآن  في مراتب الإعتبار ، فهي تالية عليه ومفسرة له ..

وحيث أن القرآن قد حظي بالإهتمام الكافي فيما يتعلق بالحفظ والتدوين والضبط والتلاوة في حضور الرسول الكريم نفسه وقبل إلتحاقه بالرفيق الأعلى وبحيث كان يشرف على ذلك جبريل أمين الوحي القائل عن الله والذي كان يراجع الرسول الناطق بالقرآن مرة كل عام ، ثم مرتين في العام الذي إرتحل فيه ، وحيث أن السنن العملية قد تم تلقينها للمسلمين الأوائل وأدائها على مسمع ومشهد منهم في عديد المرات بحيث حازت على التواتر والإتفاق بين جموع المسلمين أولهم وآخرهم فلا يعتد بمن شذ منهم وقليل ما هم …

بيد أن هناك جانب آخر يدور فيه لغط كبير ، ودار حوله جدل كثيف إبتدأ بحضور النبي نفسه وفي حياته ولم ينتهي حتى الساعة .. وما أظنه يفعل ، لذا وددنا لو نعّرج عليه قليلاً لنلقي عليه بعض الضوء علّ ذلك يثير نقاشاً يثمر في تحريك ما أسِن من واقعنا البائس المزري …

لا شك أن كل ما يتصل بمحمد الرسول يكتسب أهمية كبيرة ويحظى بالقبول والرغبة في التطبيق و الطاعة والإقتداء ، وهنا تبرز الإشكالية الكبرى و المعضلة المتمثلة في : كيف نثبت أن ما يذكر أو ما هو مدون هو فعلا قول الرسول أو أمره ؟.

لم يهتم الرسول بكتابة أو تدوين أو حفظ ما يقول بخلاف القرآن ، بل ذهب لأبعد من ذلك بالنهي عن ذلك جملةً لعدة أسباب :

مخافة أن تكثر أوامر التشريع وتتسع أدلة الأحكام وفي ذلك مشقة وتضييق على الناس .

مظنة الزيادة و النقصان و التحريف و الكذب و الدس …

منعاً لإكتساب أقواله وكثير من مواقفه صفة التأبيد وهي مرتبطة بظرف زماني ومكاني محدد .

ونحن نجد أن الأول قد وقع فعلاً بحيث أصبح التضييق والتعسير على الناس هو القاعدة وأصبح التحريم والمنع هو الأصل وليس الإباحة، وأن الثاني قد حدث في حياة الرسول نفسه مما حدى به للتهديد بقوله: من كذب علىّ فاليتبوأ مقعده من النار ، أما الثالث فهو مما يتسق وختم الرسالة وإنقطاع مدد السماء المباشر ومبدأ صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان وحيث تُرك الإنسان ليعتمد على وسائله هو .

وقد إستمر الحال كذلك حتى نهاية القرن الثاني حيث بدأ تدوين الحديث أي بعد أكثر من مائة سنة من وفاة الرسول ، ولم يكن ذلك حتى بدافع من الرواة إذ لطالما تحرجوا من كتابته خشية الوقوع فيما نهى عنه النبي وإنما كان بوازع من الولاة ، وحيث حدث فعلاً ما يُخشى منه فقد كثُر الوضع ما كان منه بحسن نية أو سوء منها والدس و الكذب والتحريف و التصحيف والمسيحيات والإسرائيليات والإستغلال السياسي … الخ…

وعندما حاول أئمة الحديث ورجاله والمهتمون بتدقيقه وتصحيحه كان الأوان قد فات ؛ وشاب منهجهم عوار بائن لم ينتبهوا له الا وهو الإقتصار على ما أتصل بالسند فقط ، أما المعنى فلا شأن لهم به البتة وهو ما كان حرياً به أن يكمل الجهود الضخمة التي بذلوها مشكورين بحيث كان من المأمل أن نقف على حقيقة

،، النصّ،، الصحيح لما صدر عن النبي الكريم ، فأضحوا بهذا كحاطب الليل …

وقد تقسمت الرواية ما بين كتب المسانيد وفيها جمع حديث كل صحابي على حدة صحيحه وسقيمه لذا فهي دون كتب الحديث ولا يحتج بها مطلقاً ومن أمثلتها : مسند أبوداؤود الطيالسي ومسند عبيدالله بن موسى و مسند أحمد بن حنبل الخ .

أما كتب الحديث المعروفة فهي خمسة أشهرها ما عرف بالصحيحين البخاري ومسلم وسنن أبي داؤود وجامع الترمذي وسنن النسائي …

لقد إحتوت قضية الحديث على أعداد هائلة من المرويات وصل بعضها للمليون حديث ورواية ! إختلط فيها قول النبي بقول الصحابي بتقرير التابعي ، وشاب كل ذلك ما شابه مما ذكرنا من الكذب و الوضع و الإنتحال وضعف الذاكرة  ووهن الحفظ..الخ.

ولو أخذنا البخاري كمثال بإعتباره الأعلى مكانة بحيث حاز،، وتلك جنايةٌ كبرى،، على وصف : أنه أصحّ كتاب بعد كتاب الله تعالى .. وما ذلك على إطلاقه بصحيح ، فإنه يذكر أنه إنما إستخلص ما كتب وهو لا يتعدى الأربعة الاف،، في أعلى المصادر .. والفان وستمائة ونيف في غيرها ،، حديث دون المكرر ( سبعة الاف أو يزيد قليلاً بالمكرور) من جملة أكثر من ستمائة الف حديث كانت شائعة ولم يصح منها شئ في نظره وحسب معاييره ! وهو ما كان يستدعي من اللاحقين مواصلة الجهود الحثيثة لمزيد من غربلة وتمحيص وتدقيق ما توصل إليه وذلك بحكم التطور الذي نشأ في مناهج البحث ووسائله و أساليبه ولكن ذلك للأسف ما لم يحدث طيلة فترات طويلة من تاريخنا وبحيث إكتسبت هذه الكتب صفة القداسة و القطع بصحتها على العموم  وجرى الأمر في التراث الشفهي لبعض المجتمعات لمن يستعظم التشنيع عليه لإرتكابه خطأ ما : هو أنا غلطّ في البخاري يعني ! أو كونها موضع للقسم و الحلفان  بالتعهد بقول الحقيقة بحيث يتحرج من القسم على البخاري ويسارع بسهولة للقسم على المصحف! وبحيث صارت أي محاولة لإخضاعها للنقد مظنة التكفير والإتهام بالطعن في الدين ..

ولكن لابدّ من التأكيد على أن كتب الحديث تحتوى على عدد ليس بالقليل مما يخرج عن دائرة الصحة ، وما لا يقبله،، العقل،، و الفطرة السليمة، وما يصادم حقائق القرآن وقطعياته ، وما يمكن أن يؤخذ كمطعن في الدين وفي شخص الرسول الكريم نفسه مما لم ينتبه له الأولون وسارع لإقتناصه اللاحقون من أعداء الإسلام ، وهي بذلك قد أشاعت غير قليل من الإضطراب و التشويش في ذهنية المسلمين و أقعدت بهم و بمجتمعاتهم عن النهوض و التطور بحكم ما ترتب عليها من أحكام وتقريرات معوّقة ،، للعقل  ،، ونافية لبعض فئات المجتمع ومكرّسة لأوجه الفساد و الإستبداد ومشرّعنة لقبول الظلم و الإضطهاد .. ألخ وهو ما يستوجب ضرورة إعادة النظر – وقد بدأ ذلك فعلاً من قِبل بعض الباحثين والذين خرجوا بنتائج طيبة وإن كان الأمر يحتاج لعمل مؤسسي – في هذه الكتب من ناحية المتون وعبر عدة معايير نوردها لاحقاً …

ويجب أن نوِرد بعض الحقائق التى يمكن أن تكون موجهاً ومرشداً في ضرورة هذه الدعوة :

– لم يهتم الرسول بتدوين وحفظ الحديث ، بل نهى عن ذلك، ومحاولات الإحتجاج بمرة واحدة يتيمة في الكتابة لأحدهم،، إن صحّت،، مما تؤكد النهي و لا تنفيه إلى جانب إستمرار فعل النهي وإنتهاء أمر الكتابة.

– إلتزم كبار الصحابة بذلك النهي ولم يتجاوزوه البتة ، بل كانوا يطالبون من يذكر عن الرسول شيئاً أن يأتي بمن يؤيد ما قال على قربهم من عهد النبوة .

– أكثر الصحابة رواية عن الرسول هو أبوهريرة وهو لم يصحب الرسول سوى سنة وتسعة أشهر في أبعد الروايات .

– أبو هريرة نفسه مجهول إسمه و لا يعرف له نسباً ولم يختلف الناس في جاهلية أو إسلام على إسم أحد كما إختلفوا  في إسم أبو هريرة ، وله ثلاثون إسماً .

– كل ما ذكر من حديث بما فيه ما أصطلحوا عليه من الصحة بحكم معاييرهم هم إنما ورد بالمعنى مما فهمه الرواة ! لا على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه كما نطق به النبي .. إلا في القليل النادر من قصار الحديث وهو مما يعد فلتة .

– الصحيح في إصطلاح المحدّثين لا يعني أنه صحيح في ذاته ، و إنما يعني أن صحته إنما كانت في نظر رواته .

– المتفق عليه في إصطلاح المحدثين لا يعني أنه متفق علي صحته في نفس الأمر ، و إنما فقط أن البخاري ومسلم قد إتفقا على إخراجه.

– ليس من شروط الحديث الصحيح القطع به في نفس الأمر لجواز الخطأ و النسيان و السهو على الثقة .

– المشهور من كتب الحديث الخمسة المعتمدة لم تظهر للوجود الا في القرنين الثالث و الرابع الهجريين .

– كل ما روي من حديث إنما كان عن طريق الآحاد الذي لا يعطي إلا الظن في أحسن الأحوال .

– لم يهتم أغلب من جمعوا الحديث بصحة ما نسب للنبي من قول.

– كل ما دار من جهود في شأن الحديث إنحصر في السند ولم يتعداه لما سواه .

– لم يتلق علماء الأمة الأوائل ما دوّن من أحاديث بمحض التسليم و الإذعان بل تفرقوا حولها تفرقاً عجيباً وخالفوا عن أمرها خلافاً كبيراً عكس ما حدث في المتأخرين عنهم.

– كتب الفقه في المذاهب الأربعة ملئ بالمسائل المخالفة للأحاديث المتفق علي صحتها ولم ينظر لأحدهم بإعتباره مخالفاً لأصول الدين .

– لم يؤتى الرسول إلا القرآن ولم يؤتى معه شئ آخر البتة حتى جناية الشافعي الكبرى على الاسلام لاحقاً.

– حبس عمر بن الخطاب كبار الصحابة في المدينة ومنعهم الرواية عن الرسول وكان يقول لهم : نحن أعلم نأخذ منكم ونرد عليكم ، وما أطلقهم إلا عثمان بن عفان .

– لم يكن الصحابة العدول على قدم المساواة في صدق الرواية فبعضهم أصدق من بعض، فكيف بمن بعدهم .

– كان الصحابة ينتقدون روايات بعضهم ويردونها على بعض ، وكان يقع من بعضهم التدليس وهو كثير وأبوهريرة ممن وصف بالتدليس.

– ذلك ما جعل الحافظ الدارقطني يقول: إن الحديث الصحيح في الحديث الكذب كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود .

لكل ذلك وغيره مما لا يسمح به المجال وجب الدعوة لإعادة النظر في كتب الحديث بعقل نقدي مفتوح ، إذ لا تخلو خطبة من خطب المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها من إستشهاد بالحديث أو سرد لمرويات ما أنزل الله بها من سلطان ، أقعدت بالأمة و أضحت من أعظم الأبواب التي رزئ بها الإسلام وولج منها أعداؤه ( أو من ظُنّ خطأ أنهم من أعدائه) ولعلي هنا أعيد التذكير بالروائي الشهير سلمان رشدي و روايته : الآيات الشيطانية كممثل للفئة الأخيرة .. وقد سبقه عديد من المستشرقين ممن يحسبون على الفئة الأولى ، حيث هاج المسلمون وماجوا وما دروا أن هؤلاء ليسوا سوى محض نقلة لبعض ما يقدسون ويحفظون في كتبهم التي يعتبرونها من أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى القرآن !

والدعوة لهذه القراءة النقدية لها منجهية وقواعد يمكن أن تحتذى و تتبع وهي كما يلي :

* لمعرفة المكذوب و الموضوع و المنتحل من الحديث  فإن ذلك يمكن عبر:

– مخالفته لظاهر القرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي أو القواعد المقررة في الشريعة .

– مخالفته للبرهان العقلي أو للحس و العيان وسائر اليقينيات .

– إشتمال الحديث على المجازفات في الوعد و الوعيد و الثواب و العقاب .

– مناقضة السنة الصريحة.

– ما كان باطلاً في نفسه أو ما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه أو لا يشبه كلام الأنبياء.

– ما شابه كلام الأطباء أو إشتمل على تواريخ الأيام المستقبلة .

– ما كان سمجاً أو موضع سخرية أو ركيكاً في معناه .

– ما تقوم الشواهد الصحيحة أو تجارب العلم الثابتة بخلافه وبطلان ما ورد فيه .

وجماع ذلك هو كل ما : باين المعقول أو خالف المنقول أو ناقض الأصول .

وليست هذه الدعوة ببدعة و لا هي بالأمر الجديد .. فقد إنتقد كثيرون صحيح البخاري ومنهم إبن حجر العسقلاني في الأدب المفرد وفي هدي الساري مقدمة فتح الباري وفي البخاري و شرحه ومما قال : من نوادر ما وقع في البخاري أنه يخرج الحديث تاماً بإسناد واحد بلفظين . وأورد الحفَاظ أن بالبخاري إشكالات كثيرة وجملة ما أنتقدوه بلغ مئتين وعشرة حديث ثمانين في البخاري و الباقي بمسلم .

ومنهم الدارقطني و إبن الجوزي و السيوطي و الصاغاني و جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده و رشيد رضا وأحمد أمين ومحمود أبورية ..الخ ومن الأخير كان لنا فوائد جمّة.

ومن الثابت أنه وما من راوي هو ثقة عند أحدهم إلا وكان متهماً عند غيره ؛ فعلى حين عدّل البخاري عكرمة مولى بن عباس ورأه صادقاً و أخذ عنه كذّبه مسلم وفسّقه ولم يأخذ عنه شيئاً منفرداً إلا حديث واحد بالإشتراك مع غيره .. وما كان موثوقاً به عند عبد الرحمن بن مهدي فإنه غير ذلك ومجروح عند يحي بن سعيد القطان وبالعكس .. وهما إمامان عليهما مدار النقد في النقل ومن عندهما يتلقى معظم شأن الحديث  .. و الإمام الحافظ الدارقطني له في كتابه الإستدراكات و التتبع على البخاري ومسلم أكثر من مئتي حديث.

وقال مسلم في صحيحه : ما رأيت الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث

ومات الإمام الأكبر أبو حنيفة النعمان ولم يعتمد إلا ستة عشر حديثاً في أكثر الروايات توسعاً وأقل منها في غيرها ، وكان حين يذكر له أحد حديث عن الرسول يقول له : دعك من ذلك ويجيب من طريق آخر من طرق القياس أو الإستدلال…

إن مما لا شك فيه أن القول بعدالة جميع الصحابة وتقديس كتب الحديث هو من أكبر الأبواب التي طُعن الإسلام منها ووصف بأنه دين للجهل و الخرافة والأوهام  وقديماً قال سفيان الثوري : لو كان هذا الحديث خيراً لنقص كما ينقص الخير لكنه شر فأراه  يزيد كما يزيد الشر، وقال الإمام محمد عبده في رجل ذكروه له أنه قد جّد و إجتهد فحفظ البخاري : لقد زادت نسخة في البلد! ..

وقال يحي بن سعيد القطان : رواة الشعر أعقل من رواة الحديث، وقال مسلم في صحيحه : ما رأيت الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث…

وقد قيل في أكثر أهل الحديث : أنهم قد أتعبوا الطالب ولم ينفعوا الوارث …. ولقبوا بالحشوية و النابتة و المجبرة  و بالغثاء  والغثر  .. وكلها أنباز وهي جمع نبز أو نبزة..

وإذا أضفنا لذلك طائفة الشيعة بمختلف مدارسهم و جماعاتهم من زيدية و إباضية و إثني عشرية و إسماعيلية .. الخ والذين لا يقبلون إلا ما ورد عن آل البيت وأئمتهم ،، و آل البيت أو عترة النبي  لا نكاد نجد لهم ذكراً في كتب الحديث المعتمدة لدى السنة ،،  والخوارج بتعدد فرقهم و الذين لا يقبلون إلا ما ورد ممن يقبلون من الصحابة و ليس كلهم .. ولكل من هؤلاء و أؤلاء كما وضح طرقهم في إستدلال الحديث وكتبهم المعتمدة و التي لا تقبل بما في كتب غيرهم، وضح وإستبان لكل ذي عقل و بصيرة خطأ و خطل ما يُحتج به و يُستند عليه في فرض كتب الحديث و على الأخص الصحيحين البخاري و مسلم من أن : الأمة قد تلقتهم بالقبول  … وهي في حقيقة أمرها لم تفعل ، بل معكوس ذلك تماماً هو ما حدث.

كلمة أخيرة هي الفصل في كل ما ورد إذ أن الخلط بين مقام الرسالة والنبوة، بين محمد الرسول ومحمد النبي،. وهو أحد جنايات محمد بن ادريس الشافعي المشار إليها سابقاً ) هي ما تسبب في كل هذا الاضطراب والتشويش إذ أن الرسول ليس له أحاديث مطلقاً، بينما النبي،، إن صح  ما نقل عنه جدلاً صحة مطلقة ) فهو مما لا يُلزِم ولا يُوجب الطاعة والإنقياد والتسليم الا لمن شاء ورغب… وفي ذلك كان مندوحة عن كل ذلك التراث الهائل الذي أثقل كاهل الأمة وعطل تطورها وعمل على إستدامة تخلفها بتحالفه الوثيق مع الفساد السياسوي

وعلى من يرغب في الإستزادة الرجوع لكل من الطبري ، النيسابوري، السيوطي، الرازي، الباقلاني ، إبن سعد ، إبن حجر العسقلاني ، إبن قتيبة ، إبن الصلاح ، إبن القيم ، إبن عبد البر ، الشاطبي ، الآمدي ، جمال الدبن الأفغاني ، محمد عبده ، رشيد رضا ، أحمد أمين ، محمود أبورية ، جمال البنا ، إسلام بحيري .. وغيرهم..

هي دعوة تضاف لسابقاتها ممن نادى بها من عظماء مفكرين وباحثينا من قبل علها تجد من يتبناها في عمل مؤسسي جماعي من قبل سلطة ما يتوسم فيها شئ من الاستنارة وقليل من رغبة صادقة في خدمة الإسلام والنهوض بمجتمعاته، فهل لنا أن نحلم ونأمل؟!

ربما.. فما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل…

[*] وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، هيئة الطاقة الذرية السودانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى