مقالات

مفهوم الجندر بين الذكورة والأنوثة

أ.د. عزيزة سليمان علي [*]

مصطلح الجندر ينحدر من أصل لاتيني، ويعني في Sex أي الجنس إلى البيولوجيا بين الذكر والأنثى، ومن هنا نجد أن مفهوم النوع يلفت الانتباه إلى الجوانب ذات الأساس الاجتماعي للفروق بين الرجال والنساء. ويتم تعريبه وترجمته إلى اللغة العربية إلى مصطلحات عدة منها الجنس البيولوجي، الجنس الاجتماعي، الدور الاجتماعي، النوع الاجتماعي. أن الجنس  يولد به الإنسان بيولوجياً فهو غير قابل للتغيير، أما النوع الاجتماعي فهو قابل للتغيير لأنه يتكون اجتماعياً.. ولهذا فإن دعاة مصطلح الجندر يقدمونه على أنه يحمل معنى تحرير المرأة وتحسين دورها في التنمية ولا يزال الغموض حول ترجمة هذا المصطلح إلى اللغة العربية رغم أن البعض يجعله مرادفاً لكلمة Sex بمعنى الجنس والجنوسة وهذا الغموض حول تعريب هذا المصطلح كان واضحاً في وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة التابعة لها .

إن الجندر ما هو إلا أداة تحليلية تفسر العلاقات بين النساء والرجال وتداعيات هذه العلاقات وتأثيرها على دور ومكانة المرأة في المجتمع. أن مفهوم النوع الاجتماعي هو عملية دراسة العلاقة المتداخلة بين المرأة والرجل في المجتمع وتحكمها عوامل مختلفة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ودينية عن طريق تأثيرها على قيمة العمل في الأدوار الانجابية والتنظيمية التي تقوم بها المرأة والرجل.

إن مفهوم الجندر جاء من وثيقة بكين (1995) الذي أثار الكثير من القضايا المخالفة الأديان  والأعراف والذي يعني النوع” كبديل عن كلمة جنس Sex  التي تشير إلى الذكر والأنثى والذي انتقل إلى المنطقة العربية من قبل ثلاثة عقود  عبر المنظمات الدولية.  ويعرف المصطلح بالهوية الجندرية بأنها شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى، وفي الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية تطابق الخصائص العضوية، لكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية، ويزعم الغرب ان الهُوِيَّة تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية ، وان يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت تالي من الحياة. منظمة “الصحة العالمية تعرف الجندر بالمصطلح الذي لا علاقة لها بالاختلافات العضوية. ويمكن حسب هذا التعريف أن يكون الرجل امرأة، وأن تكون المرأة زوجاً تتزوج امرأة من نفس جنسها. ودعاة الجندرة في عالمنا الإسلامي وأغلبهم مما يسمى بجمعيات تحرير المرأة، يغفلون أو يتغافلون، عن نتائجها السلبية والتي تخالف الدين والعرف.

فكرة الجندر هي إعطاء الفرد الحق في تغيير هويته وتوجهه الجنسي كيفما شاء والاعتراف بالشذوذ الجنسي وجعله شرعيا  مما يفتح المجال لإدراج حقوق الشواذ ومباركة زواج المثليين، وتكوين أسر غير نمطية”فدعاة الجندر يرون بأن الأسرة لها أنماط وأشكال مختلفة في المجتمع ليس بالضرورة أن تتكون من أم وأب وأطفال، وجاء في أدبيات الأمم المتحدة أن الأبناء يمكن الحصول عليهم بالتبني أو بالاستنساخ، والشواذ والمثليين الجنسيين يجب عدهم أُناس عاديين يمارسون حقاً من حقوقهم، والسماح لهم بتعميم ثقافتهم بناءا على المساواة الجندرية.

المتبنين  للمصطلح  يزعمون أن من أبرز المعوقات التي تقف أمام تطور وتمكين المرأة هي قوامة الرجال التي تتسم بالقمع والعبودية، وتسعى لتهميش الكيان الأنثوي، بل وأمست المعاشرة الزوجية اغتصاباً وظلماً بفرض رجل واحد في حياة المرأة ولذلك كثرت حالات الشذوذ بين النساء وأصبحت ظاهرة اجتماعية مرتبطة بالـFeminism  الانثوية، ومثل ذلك يصح بالنسبة للرجال. ولا ينوه الجندر إلى الذكر والأنثى، بل إلى المذكر والمؤنث أي إلى الخصائص والسمات التي ينسبها المجتمع إلى كل من الجنسين.

ومن ثم يتحول الحراك عن الإناث من حركة ناشطة تعمل على الحقوق الاجتماعية والإنسانية للمرأة إلى حركة تدور حول فكرة الهوية الجنسية, باعتبار سيطرة الرجل  على المرأة وجعلها تفكر في حريتها عن الرجل حتى في الجنس.. وحينئذ تصبح المثلية الهدف الأساسي استبدالها عن  الواحدية.

الكثير من  الناشطين بحقوق المرأة في السودان لا يدركون الفرق بين الحركة النسوية، وبين حركة «الفيمنيزم» الأنثوية والتي نشأت في بلدان الغرب الرأسمالية ثم انتشرت في معظم بلدان العالم، على أنها الوضع الأمثل والنموذج لتحرر المرأة.

أن أنصار “الفيمنزم ” يناشدون  المرأة إلى الترجل والرجل إلى التخنث… هذه الدعوة تدعو إلى الإباحية ونشر الفاحشة في المجتمع المسلم, وتدمير الأسرة, وإفساد المرأة والرجل على حد سواء, وبناء على هذا فلا يجوز الانتساب إليها أو ترويجها في المجتمع….على أية حال نحن ندعو إلى المساواة في الحقوق والواجبات ولكننا نرفض رفضا باتا المفاهيم التي تتنافى مع قيمنا وتقاليدنا وديننا.

ومن المحزن والمخزي  التفاف العديد من الشباب والشابات لمفهوم الجندر وقد تبنتها الأمم المتحدة وجندت الهيئات والمنظمات الدولية لبث هذه المفاهيم في بلادنا .وقد عقدت عدة مؤتمرات وفعاليات عالمية ودولية مثل مؤتمري القاهرة عام 1994 ومؤتمر بكين عام 1995 م وعام 2000م.

وجاءت أهداف تلك المؤتمرات في الدعوة إلى إزالة الفوارق بصفة عامة بين الذكور والإناث .وقد رفضت المجموعات المسلمة تلك الأطروحات ورفضت رفضاً باتاً لمفهوم الجندر الذي دعا بصراحة لتذويب العنصر البيولوجي أي تذويب الذكر والأنثى. فجاء مفهوم النوع الاجتماعي بعد أن لم يجد مفهوم الجندر في العالم الإسلامي أي موافقة  أو قَبُول  …. وقسم هذا المفهوم إلى النوع البيولوجي و يعني الذكورة والأنوثة أما النوع الاجتماعي هو الأدوار والوظائف الاجتماعية التي لا عَلاقة لها بالنوع البيولوجي, فبإمكان الرجل أن يقوم بجميع أدوار المرأة الاجتماعية، والمرأة تقوم بجميع أدوار الرجل

إنه لمن المحزن أن تنحاز المرأة السودانية مسلك  الجندر الدخيل  على  بلادنا, وعلينا ان نقوم بثورة تقويمية لهزم هذا المرض الاجتماعي والبيولوجي الذي يمتد داخل مجتمعاتنا.

[*] استشاري الباطنية القلب وطب الشيخوخة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى