مقالات

أهمية البعد الإعلامي في قضايا المسنين

د. عزيزة سليمان علي

د. عزيزة

لابد لنا أن نتبين مدى أهمية البعد الإعلامي، وعظمة تأثيره في مختلف جوانب حياتنا الاقتصادية والاجتماعية. هذه هي المفاهيم التي ينبغي أن يتعامل معها الإعلام، لأن هذه المفاهيم هي التي ترتقي برعاية المسنين، إلى نوعٍ من الاستثمار المفيد، تماماً كما هو الحال في رعاية الشباب. ولذا يجب علينا أن نحسن صورة المسن في وسائل الإعلام، حيث تغلب عليها ملامح الضعف والعجز والتخلف، وهذا قد يؤذى نفسية كبار السن ويؤجج الصراع بين الأجيال.

إذاً الشراكة القوية للإعلام ومؤسسات الرعاية المختلفة، أصبحت ضرورة ونهج علمي له عائد اجتماعي واقتصادي يدفع التنمية إلى الأمام، لما يقدمه المسنون من طاقات وخبرات في مجالات العمل ومصادر الدخل القومي. فإذاً لابد لنا أن نتناول أهمية البعد الإعلامي في الأبعاد النفسية والاجتماعية للشيخوخة، واحتياجات كبار السن في مجال الرعاية النفسية الصحية والاجتماعية، ثم رعاية المسنين في موروثنا  الحضاري، وفى ظل المتغيرات المعاصرة الأسرية والمجتمعية. أصبح  تأثير الإعلام قُوَى جاذبة وهذا يعني أن النظام الإعلامي عامل أساسي من عوامل التغيير الاجتماعي، وهو النظام التعليمي بخاصيته التي تتغلغل في قلوب المواطنين.

لا ينبغي فقط، كما يحدث اليوم، إثارة الوازع الديني وحده عند التحدث عن حقوق كبار السن، كما نفعل الآن، بل ينبغي أن نفهم أن الإعلام في عصر العولمة، أضحى مصالح وتجارة واستثمار، ولذلك لابد من إدراج موضوع رعاية المسنين ضمن هذا السياق، ونفهم أن المسن هو مورد بشري هام، يختزن قدرات فذة ومخزون هائل من التجارِب مما يؤهله للقيام بدور رائد ذي قيمة. فمن خلال الإعلام يمكن تغيير من صور المسنين، التي يغلب عليها الضعف والتخلف عن الركب الحضاري، إلى الحداثة والمواكبة العلمية التكنولوجية، وهذا يؤثر إيجاباً على الحالة النفسية للمسنين، ويثير التوافق بين الأجيال. فإذاً لابد أن يعزز دور الإعلام، لبث المعلومات والبيانات عن القضايا المتعلقة بالمسنين والتشيخ.

الواقع الصعب الذي تعيشه شريحة المسنين، وما ينتظرها من واقعٍ أصعب مستقبلاً، وفق تقارير من كافة المجتمعات، بمسؤولياتها والالتزام بواجبها تجاه هذه الفئة التي لا تقوى على تأطير وتنسيق جهودها، كبعض الفئات الأخرى كالشباب والعمال وعموم القطاعات النقابية الأخرى. ولذلك لابد أن يفعل  دور وسائل الإعلام  في تفعيل قضايا هذه الشريحة والتعريف بحقوقها، وإثارة ونشر القضايا المتعلقة بواقع المسنين واحتياجاتهم، والسبل اللازمة لتحسين واقع المسنين والدفاع عن حقوقهم.

في السودان واقع المسنين مُتراجع حقوقياً واقتصادياً، حيث بقيت أوضاع المسنين بلا بحث أو دراسات، ولا يوجد صوت إعلامي يعكس أوضاعهم، على عكس وضعهم في الغرب، حيث تسجل صحف المتقاعدين أعلى نسبة اشتراكات في أميركا تحديداً. ففي ظل ما يعرف في الإعلام (تخصص التخصص)، فإن المصادر الإعلامية قد كثرت، فيوجد إعلام المرأة وإعلام الشباب وإعلام المعاقين وإعلام الطفولة، وكذلك بإعلام المسنين، خاصة الإعلام الاجتماعي على قنوات التواصل الاجتماعي. والاهتمام بإعلام المسنين ازدهر في الغرب، لإظهار إنجازات المسنين الذين يشكلون فئة هامة منتجة، لها بصماتها في المجتمعات الغربية.

أما في السودان، فإن انعدام الإعلام عن المسنين ناجم عن عدم الوعي، والاهتمام بخصائص هذه الفئة مع غياب التخطيط الاستراتيجي للوزارات المعنية ,المجتمع المدني وقطاع الإعلام. كذلك فإن انعدام الإعلام عن قضايا المسنين بالسودان، ناتج من مفهوم وفقه الاهتمامات الصحفية التي تهتم أكثر بالأمور السياسية والحوارات والكورة والإعلانات، أما قضايا المجتمع فلا تجد الاهتمام الكافي.

غياب الوعي الإعلاني للمعلنين وفهمهم  بأن  الشريحة المسنة ليس لديها ما يعينها على شراء السلع المعلنة بعكس ما هو في الغرب لأن صِحافة المسنين تمول من صناديق المتقاعدين. من الضروري إعداد إعلاميين حاذقين في قضايا المسنين، بتدريبهم وتأهيلهم ليتمكنوا من إعطاء المسنين حقهم في التناول والتغطية المفيدة. فللإعلام دور في بث التوعية واستقطاب العلماء في الدين, والاجتماع والصحة في برامج رعاية المسنين.
على الوزارات المعنية، بالتنسيق مع الجهات  المعنية في السودان، أن تضع استراتيجيات وخطط وسياسات، معنية بقضايا المسنين وحقوقهم ودمجهم في التنمية، وإطلاق حملات إعلامية بواسطة الوسائل الإعلامية المختلفة، مثل استخدام شبكة الإنترنت وعبر وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل العرض، والصحافة وأجهزة الهاتف والإعلانات المتنقلة والثابتة. فواجب إعلامنا أن يجعل من شريحة المسنين، أولوية في التناول الشامل والعادل.

وبما أن الإعلام أصبح استثماراً، فمن الواجب إدماج مفهوم رعاية المسنين في هذا السياق. فمن خلال الإعلام يمكن تحسين صورة المسنين، التي تغلب عليها سمات الضعف والتخلف عن الركب الحضاري، مما يؤثر سلباً على الحالة النفسية للمسنين ويثير الصراع بين الأجيال.

وللدراما السودانية دور كبير أيضاً، فعليها ألا تعكس موضوعات المسنين التي تصفهم بالضعف واليأس، وإنما يجب عليها أن تعرض قضايا المسنين، بما لا يثير الاشمئزاز وعدم التقبل، وتغيير الصورة النمطية لدى المجتمع عن المسنين وقضاياهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى